دنبوع أمريكا بين صنعاء وبغداد
عبدالفتاح علي البنوس
يبدو أن السفير الأمريكي السابق لدى بلادنا ماثيو تولر والذي يشغل حاليا منصب السفير الأمريكي لدى العراق بات محط تندر وسخرية النشطاء والناشطات على شبكات التواصل الاجتماعي ، حيث أطلق عليه البعض لقب (دنبوع أمريكا) على خلفية مواقف الهروب التي تعرض لها خلال فترة عمله في سفارة بلاده في صنعاء وما حصل له قبل أيام في سفارة بلاده في بغداد والتي رأوا أنها تشابه إلى حد كبير مواقف الهروب الخاصة بالدنبوع هادي من منزله بصنعاء إلى عدن ، ومن قصر المعاشيق بعدن إلى المهرة ومنها إلى سلطنة عمان وصولا إلى السعودية ، متخفيا ومتسترا خلف ملابس نسائية خوفا من وقوعه في قبضة الثوار الذين ثاروا على عمالته وذهابه باليمن نحو التشظي والتشرذم تحت مؤامرة الأقلمة التي أراد تمريرها عنوة دون أي توافق وطني عليها ، نزولا عند رغبة السفير السعودي وأذنابه.
في13 سبتمبر من العام 2012م ، اقتحمت جموع غاضبة من المواطنين مبنى السفارة الأمريكية بحي شيراتون بالعاصمة صنعاء ، وذلك في سياق ردود الأفعال الشعبية الغاضبة على عرض فيلم براءة المسلمين الذي يسيء لشخصية الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وحينها لاذ تولر بالفرار كما فعل هادي ، واليوم وبالتحديد في31 ديسمبر من العام 2019م ومن بغداد الصمود يتعرض تولر لموقف مشابه إلى حد كبير ما تعرض له في صنعاء عندما اقتحمت الحشود الشعبية العراقية مبنى السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وذلك احتجاجا على العدوان الهمجي الأمريكي على مواقع تابعة لقوات الحشد الشعبي العراقي والتي خلفت عشرات الشهداء والجرحى ، في انتهاك صارخ للأعراف والقوانين والمعاهدات الدولية التي تحترم سيادة الدول على أراضيها ، وتجرم أي انتهاك لها أو تدخل في شؤونها ، ليجد نفسه مضطرا للهرب للمرة الثانية ، وكأن النحس يلاحقه ، وأنه كتب عليه أن يدفع ضريبة السياسة الأمريكية الإجرامية العدائية المتسمة بالرعونة والغطرسة والتعالي على الشعوب والاستقواء عليها والتدخل في شؤونها الداخلية ، والسعي للسيطرة على ثرواتها ومقدراتها ، وفرض الوصاية عليها.
السياسة الأمريكية القمعية التسلطية الاستعمارية الاستبدادية العدائية لكل الشعوب والأنظمة المناهضة لمشروع الهيمنة الخاص بها والذي تسعى لإنفاذه في العالم ، بالتنسيق مع اللوبي اليهودي وأجهزة الاستخبارات الصهيونية ، هي من تولد ردود الأفعال الغاضبة على أمريكا ، وهي من تزرع مشاعر الحقد والكراهية تجاهها ، في حين أنه بإمكانها أن تحظى باحترام وتقدير الجميع لو أنها عملت على التمسك بالحياد وعدم الانحياز وتعاطت مع كافة القضايا والملفات بشفافية ، وتوقفت عن إذكاء الصراعات وإشعال الحروب والفتن والأزمات كمقدمة لتبرير تدخلاتها السافرة في شؤون الدول ، والتي تستخدمها شماعة لتمرير أجندتها الخبيثة ومشاريعها الاستعمارية والاستغلالية القذرة ، وكأنها الوصية على العالم ، ومن حقها حشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة ، مستقوية بالفيتو ، ومعتمدة على مجلس الأمن والأمم المتحدة التي تستخدمها لتمرير كل أهدافها ومشاريعها.
بالمختصر المفيد، ماثيو تولر وكل الساسة الأمريكيين هم أدوات تنفيذ السياسة الأمريكية الحمقاء الغبية العدائية التي دأبت على استفزاز الشعوب والأنظمة الحرة ، وحياكة المؤامرات ضدها ، ومن الطبيعي أن يكونوا في مقدمة من يدفعون ثمن هذه السياسة المتهورة وغير المتزنة ، السياسة التي ازدادت نسبة رعونتها وتطرفها خلال السنوات الثلاث الماضية من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي يمثل النموذج الأسوأ بين الرؤساء الـ45 الذين تعاقبوا على حكم الولايات المتحدة الأمريكية بعد الرئيس بوش الابن الذي يعتبر الأسوأ بامتياز ، حيث يسير ترامب وفق سياسة رعناء تتسم بالعدائية ضد الأحرار في العالم ، والسطو على الثروات والهيمنة على المقدرات ، والانحياز للكيان الصهيوني المحتل ، والسعي لوأد القضية الفلسطينية ، ومصادرة حق الشعوب الحرة وحركات المقاومة الإسلامية في مقارعة المحتل والنضال من أجل الاستقلال ، وعلى الشعب الأمريكي أن يعي ويدرك خطورة تسليم قيادة بلده لقيادات مأزومة ومعاقة فكريا ومشوهة سياسيا ، والفرصة مواتية خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة للانتصار للديمقراطية الأمريكية والتي ضرب بها ترامب عرض الحائط.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.