الخزان العائم.. والخطر الداهم
عبدالفتاح علي البنوس
يتشدق الأمريكي والبريطاني والفرنسي والإسرائيلي والسعودي ومن دار في فلكهم باسم الحرص على سلامة وتأمين الملاحة البحرية في البحر الأحمر ، ويبررون عدوانهم السافر وحصارهم الغاشم على اليمن واليمنيين بهذا المبرر الواهي الواهن ، رغم أن كل الشواهد والمعطيات الراهنة تؤكد أنهم من يمثلون مصدر الخطر ومن يخلقون التوتر في البحر الأحمر ، نتيجة مشاريعهم ومخططاتهم الاستعمارية الاستغلالية ، التي تهدف إلى الهيمنة المطلقة على طريق الملاحة البحرية المار عبر مضيق باب المندب.
يغرقون المياه الإقليمية في البحر الأحمر بالقطع البحرية الحربية ، ويسعون بكل إمكانياتهم لإطالة أمد الأزمة اليمنية وخصوصا ما يتعلق بملف الحديدة ، لتبقى الذريعة لتواجدهم في البحر الأحمر قائمة ، هم من يقف خلف القرصنة البحرية ، وهم من يقفون خلف جرائم الاصطياد الجائر وغير القانوني للثروة السمكية ، وهم من يقف خلف تلويث البيئة البحرية في مياه البحر الأحمر ، ويتشدقون بحرصهم على سلامة وأمن حركة الملاحة في البحر الأحمر ، ودائما ما يقومون باستدعاء الخطر الوهمي (إيران) وتدخلاتها وتهديدها للملاحة البحرية ويتحدثون عن مطامع إيران المزعومة في الهيمنة على باب المندب والتحكم في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم.
واليوم يتهدد البحر الأحمر بكل ثرواته خطر داهم ، وكارثة كبرى أضرارها ستمتد إلى خليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي وقد تصل تأثيراتها إلى أطراف الخليج العربي ، إنه خطر سفينة النفط صافر ، التي تمثل ثالث أكبر ميناء عائم في العالم ، هذه السفينة التي ترسو على مقربة من ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة والتي تحمل على متنها قرابة مليونين و174ألف برميل من النفط الخام والتي ترفض قوى العدوان تزويدها بالمازوت للحيلولة دون تشغيلها وإفراغ حمولتها وصيانتها ، لتفادي كارثة التسرب النفطي المدمرة والتي تهدد بدمار شامل للبيئة البحرية في البحر الأحمر وصولا إلى المحيط الهندي والخليج العربي ، وهو ما ستترتب عليه خسائر اقتصادية كبيرة ، هذا الخطر المرتقب وهذه الكارثة المحتملة لم تكترث لها دول العدوان ولا الأمم المتحدة والهيئات المعنية بحماية البيئة رغم كل المناشدات ، ورغم كل البلاغات ، ورغم كل الرسائل التي بعثت بها السلطات الرسمية المختصة للمجتمع الدولي لتفادي وقوع الكارثة وتجنب أضرارها المدمرة ، فهذه الكميات الهائلة من النفط الخام كفيلة بمعالجة جزء من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الشعب والوطن ، كما أنها ستخلف كارثة مدمرة أضرارها طويلة الأمد وخسائرها باهظة الثمن ، ولا نعلم ما هو سر هذا التجاهل الأممي والدولي لهذا الموضوع الخطير ، وما سر السكوت على تعنت ورفض قوى العدوان تزويد السفينة العائمة صافر بالمازوت وتشغيلها وإفراغ محتواها من النفط الخام قبل أن تحل الكارثة ، ويقع الفأس على الرأس ، وحينها ستكون أي معالجات تتخذ غير مجدية على الإطلاق.
بالمختصر المفيد عناد قوى العدوان بشأن سفينة النفط العائمة صافر ومنعهم تزويدها بالمازوت ورفضهم تشغيلها وصيانتها لتفادي خطر التسرب النفطي الكارثي ، يأتي في سياق الحرب الاقتصادية المفروضة على بلادنا ، فقوى العدوان لا تريد أن يستفيد الوطن من عائدات بيع كمية النفط الخام التي على متنها ، لنظل تحت رحمتهم ، هذا الإمعان في الحصار والتضييق في المعيشة ، تبعاته ستكون كارثية وهذا ما لا يهم قوى العدوان ، فهي تبحث عن مصالحها ،والتي ترى أنها لن تتحقق إلا في ظل العدوان والحصار بكل صورهما وأشكالهما ، وهو ما يجعل المجتمع الدولي المسؤول عن حدوث أي كارثة بيئية لا سمح الله ، نتيجة تجاهله وعدم قيامه بمسؤولياته تجاه هذا الخطر المرتقب ، وهو من سيتحمل تبعاته وآثاره ، وقد أعذر من أنذر.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.