الإفراج عن عالم إيراني من السجون الأمريكية.. من هو ولماذا تم سجنه وكيف تمكنت الحكومة الإيرانية من إطلاق سراحه؟
توجه العالم الإيراني “مسعود سليمان” قبل أكثر من عام إلى أمريكا بدعوة من مستشفى “مايو كلينيك” في روتشيستر بولاية مينيسوتا، لإجراء بحوث تخصصية في إطار زمالة بحثية ولكن السلطات الامريكية قامت بالقاء القبض على هذا العالم الايراني فور وصوله إلى الاراضي الامريكية موجهة له العديد من الاتهامات الباطلة والمفبركة. يذكر أن “سليماني” هو عالم وباحث ايراني في مجال الخلايا الجذعية ومعيد في جامعة “تربيت مدرس”، ويعرف ضمن واحد في المئة من أفضل العلماء في العالم من حيث الاستشهاد العلمي في المجلات العلمية الموثوقة، إذ وصل في الـ25 من شهر أوكتبر عام 2018 مع جواز سفر ذات صلاحية إلى مطار “شيكاغو” بعنوان أحد العلماء الرائدين في مجال الطب الاصلاحي وعلم الدم، حينها ااعتقل على يد السلطات الأمنية والفدرالية الأمريكية.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من وسائل الاعلام بأن السلطات الايرانية لم تظل مكتوفة الايدي خلال الاشهر الماضية وإنما بذلت الكثير من الجهود للتفاوض مع الجانب الامريكي للافراج عن “سليماني” ولقد افاد المركز الاعلامي لوزارة خارجية الجمهورية الاسلامية، انه في ظل جهود ومتابعات وزارة الخارجية وتعاون المؤسسات الامنية والقضائية في الجمهورية الاسلامية الايرانية وفي اطار عملية دبلوماسية بالتعاون مع الحكومة السويسرية، فقد تم الافراج عن الاستاذ الجامعي الايراني “مسعود سليماني” بعد سجنه من قبل السلطات الامريكية لفترة عام بصورة غير شرعية بذريعة الالتفاف على العقوبات الامريكي غير القانونية .ولفت المركز الاعلامي التابع لوزارة الخارجية الايرانية إلى أنه في هذا الاطار وبمصادقة المجلس الاعلى للامن القومي الايراني وتعاون وموافقة الاجهزة القضائية والامنية فقد تم الافراج عن المواطن الامريكي “جاو وانغ” الذي كان يقضي عقوبة السجن في ايران بعد ادانته بالتجسس، وجرى تسليمه لمسؤولين سويسريين للعودة الى أمريكا.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الايراني “محمد جواد ظريف” عبر تغريدة له في صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” عن إطلاق سراح البروفيسور الايراني “مسعود سليماني” حيث كتب: “أشعر بسعادة كبيرة لأن مسعود سليماني وجاو فانغ سيعودان قريبا الى أحضان العائلة وأشكر كافة الجهات التي ساعدت على إطلاق سراحهما سيما الحكومة السويسرية.” ولفت “ظريف” إلى أن السلطات الأمريكية أفرجت عن “سليماني” بعد 14 شهرا من الاعتقال من دون أي دليل، مشددا على أن الرجل كان رهينة لدى القوات الأمنية الأمريكية من دون أي سبب. وأضاف إن اعتقال “سليماني” جاء بعد أن منحته واشنطن تأشيرة سفر وأرسلت له إحدى أكبر المؤسسات العلمية الأمريكية دعوة رسمية لإجراء أبحاث علمية. كما اتهم “ظريف” أمريكا بالسعي طوال 40 عاماً للحد من تطور إيران من خلال ممارسة الضغوط القصوى، مؤكدا أن تلك الجهود باءت بالفشل. وتابع بالقول: “إن العلم والتطور والتكنولوجيا في إيران هو أكبر شوكة في حلق أعداء الشعب الإيراني“.
ومن جهته، أكد سليماني أن فترة اعتقاله كانت صعبة ومتعبة جدا، حيث قرر “في مرحلة ما ترك العمل لكن وقوف الطلبة والشعب إلى جانبه حال دون ذلك. وأضاف قائلا: “آمل بأن تزداد الرماح التي نطلقها في وجه الأعداء… تطور أبحاثنا العلمية هو أكثر ما يغضب أعداءنا… أمريكا تخشى من تطور العلم في إيران“. كما كشف عالم الأحياء الإيراني “مسعود سليماني”، الذي أفرجت عنه واشنطن في عملية تبادل مع طهران، أنه تم التعامل معه بشكل وصفه بـ”الدنيء“. وعقب وصوله الى طهران مساء يوم السبت الماضي، نقل سليماني عن المحققين الأمريكيين وصفهم له بـ”الإرهابي”، واتهامه بـ”عزمه القيام بعملية تفجيرية في أمريكا”، لافتاً إلى أن الهدف من هذه الاتهامات هو إبعاد بقية السجناء عنه. وأشار الى أنه قال للأمريكيين إن الكثيرين من المرضى ينتظرون عودته لعلاجهم، فردّوا عليه بالقول: “فليموتوا”. وأكد أن مشكلة أمريكا الأساسية أنها لا تريد لإيران تحقيق التطور والتقدم العلمي.
وفي مقابلة له مع احدى وكالات الاخبار الايرانية، أعرب عالم الأحياء الإيراني “مسعود سليماني”، أن هدف أمريكا هو العداء مع الشعب الايراني، مشدداً على أن “الأمريكيين يخشون من امتلاك إيران العلم ولهذا يجب أن تعمل طهران على تقوية أبحاثها العلمية“. وخلال تلك المقابلة قال “سليماني”: إن “الأمريكيين خائفون بشدة من إحراز الطلبة الايرانيين أي تقدم علمي، ولهذا السبب، غالبًا ما يمكن اعتبار العقوبات نعمة لأننا نستطيع الاعتماد على أنفسنا والبناء والإنتاج والعمل، على الرغم من قسوة العقوبات”.
وفيما يتعلق بعملية القبض عليه داخل أمريكا، قال “سليماني”: “خلال جلسة واحدة فقط تمت قراءة لائحة الاتهام وخلال تلك الجلسة أعلن المدعي العام أنني كنت أحاول الالتفاف على العقوبات وأنه تم إلقاء القبض علي. وبعد تصريحات المدعي العام، قرأ المحامي سيرتي الذاتية والبحثية للجمهور، وعندما قرأ المحامي سيرتي الذاتية، كان من الواضح أن القاضي والمدعي العام وممثلي الحكومة الأمريكية في المحكمة كانوا غاضبين وفي حيرة من أنفسهم”. ولفت “سليماني” إلى أن هذه القضية تُظهر أن كل مقال يكتبه الطلاب الايرانيون وأي عمل علمي يقومون به، يمكن أن يكون أكثر قيمة وأكثر تأثيراً على قادة أمريكا أكثر بمئة مرة من شعارات الموت لأمريكا”. كما أكد هذا العالم الايراني وقال: “إن الشيء الجيد في سجني، هو أن الأمريكيين أظهروا لي وجههم الحقيقي الخبيث؛ وعلى سبيل المثال، قالوا لي عندما اعتقلوني، إننا سنفعل شيئًا معك لكي تنسى جميع البحوث وطُرق التعليم إلى الأبد”.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” شكر إيران على إجرائها “مفاوضات منصفةً جداً” لتبادل السجناء بعد الإفراج عن عالم الأحياء الإيراني “مسعود سليماني” والسجين الأمريكي “شي يو وانغ” وإلى ذلك، قال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية إن بلاده تأمل أن يؤدي الإفراج المتبادل الذي حدث قبل عدة ايام إلى إطلاق سراح أمريكيين آخرين محتجزين هناك، مشيراً إلى أن هذه الخطوة مؤشر إلى أن طهران ترغب في التفاوض بشأن قضايا أخرى. وكانت العلاقات الأمريكية الإيرانية تدهورت إلى حد كبير منذ أيار/مايو 2018، عقب انسحاب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” من الاتفاق الدولي بشأن مفل إيران النووي، قبل أن يعيد فرض العقوبات ضد طهران، بشكل أحادي الجانب.