وجاءت ذكرى عيد الاستقلال.. فأين هو الاستقلالُ اليوم؟!
أحلام عبدالكافي
مسيرٌ اقتفى اليمانيون أثرَه جيلاً بعد جيل، في التفلت من أغلال قاهرِه حين سطّر أمجادًا تكتب بماء الذهب عن ثوارٍ انطلقوا كالطود الشامخ في وجه إمبراطورية بريطانية كانت قشّةً أمام صمود وعنفوان يماني سطّر شموخاً يعانق تربةً ارتوت من دماء صناديدَ رفضوا الخنوعَ لسياط جلاد محتلّ غازٍ، فكانت جذوة قد أُوقدت بسواعدَ تأبى الذلَّ والانكسارَ، فكان لها أن نالت الاستقلالَ واندحر المستعمر الجاثم لعقود طويلة، وخرج آخرُ جندي بريطاني في 30 من نوفمبر المجيد..
لم ينثنِ عزمُ اليمانيين فكان أن بُوركت وكُللت تضحياتُهم بانبثاق فجر وميلاد جديد فرض على المستعمر خروجه مذلولاً..
ما أشبهَ اليومَ بالأمس!، فبين محتلٍّ بريطاني قد ظهر بوجه إمبراطورية قوضت أركانها على السطو والقتل والاستبداد والإذلال والمتهان لأبناء الجنوب، إلى محتلّ أمريكي بريطاني أَيْـضاً لكن بوجه سعودي إماراتي بغيض، جعل من شرعية مزعومة لرئيس لا شرعيةَ له سوى بتقديم فروض الولاء والطاعة لمن دنّس أرضَه هي الذريعة لمشروع احتلال معلّب بسيناريو “من أجلكم أنشأنا عشرات السجون لتعذيبكم وامتهان كرامتكم ولأجلكم أنتم تقتلون”..
بين محاولةِ الفرار من واقع كان ممكناً إصلاحُه بالتجاوب مع المحاولات الصادقة لإعادة الاعتبار للقضية الجنوبية بأيادي يمنية خالصة صادقة في مؤتمر الحوار الوطني، وجد المواطنُ اليمنيُّ نفسه واقعاً في براثن شركاء كُثُر، كلُّ واحد منهم قد حَــدَّ شفرتَه لانتزاع روح من يعارِضُ تواجُدَ قوات وجنسيات عديدة غير يمنية على أراضٍ يمنية.
نيران قد أضرمت لإشعال فتيل حرب أهلية، بات أبناءُ الجنوب على موعد ومقرُبَة من انفجارها وسط تداعيات فرضها المحتلّون الجُدُد بلعبة تحريك الفصائل المسلحة، تحت عنوان بريطاني جديد قديم لطالما كان ورقةً جنى الغزاةُ ثمارَها تحت شعار “فرّق تسد”.
كانت الصدمةُ التي استفاق على وقع تفجيراتها واغتيالاتها وغياهب سجونها أبناءُ الجنوب، هي مد أنبوب لشفط نفط يمني إلى آبار سعودية، وسط استعار قيمة الريال السعودي واندثار الريال اليمني لاستمرار مسلسل التجويع الذي يمارسه المحتلُّ بمباركة دنبوع وحكومة فنادق، يصل راتبُ عناصرها آلاف الدولارات مقابل هلاك آلاف من أبناء الجنوب في معارك الساحل الغربي في الحديدة، وحماية الحدود السعودية في وجه يمنيٍّ آخرَ كان هو من أدرك فصولَ المسرحية، فمضى في درب مبارك للتصدي للمحتلّ الغازي، فكان له ما أراد بَعيداً عن من ارتضى الذلَّ لمن ارتضاه.