عملية “المخا”.. هجوم لا بد منه
إسماعيل المحاقري
على الطريقة المعهودة وفي المكان والزمان المناسبین رد سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية على انتهاكات وجرائم الغزاة والمرتزقة وخروقاتهم لاتفاق السويد والذي يقترب عمره الآن من العام بعملية “وإن عدتم عدنا” الواسعة في المخا والتي كسرت بنتائجها الكبيرة كل الخطوط التي طالما رسمها تحالف العدوان وعمد إلى تكريسها المبعوث الأممي لتجمید حالة الحرب من طرف واحد بما يلبي الاجندات الخارجية ويحقق الاطماع وأهداف السيطرة على سواحل اليمن وموانئه البحرية.
عشرة صواريخ باليستية وعشرون طائرة مسيرة تناوبت على ضرب مراكز القيادة والسيطرة للقوات الإماراتية والسعودية ومعسكرات مرتزقة الداخل والخارج في المخا، وقد تكون كافية لتثبيت معادلة القوة والترهيب من عواقب خرق التهدئة والاستهانة بمعاناة اليمنيين نتيجة تشديد الحصار عليهم… ليس بما حققته هذه العملية من خسائر بشرية بلغت أكثر من 350 ما بين قتيلٍ ومصابٍ في صفوف العدو إلى تدمير خمسة مخازن أسلحة وعدد من الآليات والمدرعات في المعسكرات المستهدفة وتعطيل وتدمير عدد من الرادارات وبطاريات الباتريوت، ليس ذلك وحسب بل وبما أكده متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع بأن القوات المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي وسترد وبقوة على أي اعتداءات وانتهاكات في الحديدة والساحل الغربي وستفشل كل المؤامرات.
تأكيد العميد سريع في بيانه مقتل “إماراتيين وسعوديين” في المخا وحديثه عن المؤامرات يدحض مزاعم الانسحاب الإماراتي من اليمن ويكشف بجلاء أن دول العدوان ليست في وارد التهدئة والعمل على استئناف المفاوضات السياسية برعاية أممية بما يفضي لوقف العدوان ورفع الحصار.
والواضح حتى الآن، من خلال التعنت السعودي في المشاورات غير المعلنة بمسقط والتمسك بورقة الحصار رغم القبول بوقف الغارات مقابل وقف استهداف عمق أراضيه، أن ثمة نية في التصعيد في الساحل الغربي استنادا إلى الرغبة الأمريكية في أن يشمل تحالفها الأمني البحري الجديد المياه التي يطل عليها اليمن، ويعزز ذلك تصريحات نتنياهو المعبرة عن قلق كيان العدو من القدرات الصاروخية اليمنية وتأثيرها على امن هذا الكيان الغاصب بالإضافة إلى حشد المزيد من المقاتلين الأجانب والمرتزقة إلى معسكر العدوان في الجنوب والغرب .. وهو تحشيد يشير أيضا إلى أن دور التسلم والتسليم التي تمت بين القوات السعودية والإماراتية في الساحل ومدينة عدن وغيرها من المناطق لا تعدو كونها إجراءات شكلية تحاول أبو ظبي من خلالها التخلص من تبعات استمرارية العدوان وتداعياته على أمنها الاقتصادي الهش في ظل التحذيرات المتكررة بقصف منشآتها ومطاراتها الحيوية.
وإلى جانب تأكيدها على الجهوزية العالية للرد والتصدي لدول العدوان في أي منطقة وأي وقت، فعملية المخا تحمل رسائل ومدلولات أمنية وعسكرية لعل أهمها أن على العدو أن يدرك أن اليمن يمتلك من القدرات بما فيها البحرية ما يمكنه من استهداف أي قاعدة عسكرية ثابتة أو هدف متحرك بالشكل المؤثر والفاعل وبمسافات قد لا تخطر لهم على بال.
وإضافة إلى ذلك فالقوات اليمنية حاضرة في الميدان وبقوة ولن يعيقها في تنفيذ تهديداتها والرد على أي اعتداءات أي ضغوط سياسية ودبلوماسية ولا أي إجراءات او تحالفات عسكرية مهما كانت فاليمن بلد مستقل وقراره بيده لا بيد غيره كما هو حال السعودية والإمارات..
كذلك الصواريخ والطائرات المسيرة لن يمنعها من الوصول إلى أهدافها لا منظومات الدفاعات الجوية أمريكية الصنع والتي ثبت فشلها على مدى خمس سنوات ولا استحضار اتفاق السويد في غير مكانه فالمخا ليست الحديدة والاتفاق يمنع طائرات العدوان من التحليق في أجواء الحديدة فكيف بشن ما يقارب سبعين غارة، عشرون منها في يوم واحد وطالت جزيرة كمارن ورأس عيسى في الصليف وأماكن أخرى في المدينة.
“سياسيا تعد عملية المخا ضرورية لناحية الدفع بعجلة المفاوضات وتحريك حالة الركود بما يعزز حظوط نجاح التهدئة أو انهاءها، فالتصعيد لن يقابل الا بالتصعيد تحت قاعدة “وان عدتم عدنا” وهذا ما يحتم على المسؤلين السعوديين أن يكونوا قد تلقفوا مضامين هذه الرسائل، وبالتالي عليهم وقف عدوانهم وحصارهم قبل فوات الأوان، لان أي مردود سلبي لمبادرة السلام الرئاسية يعني حتما الرد وإيلام العدو في عمق اراضيه بالشكل والأسلوب الذي اعتاده في مطاراته ومعسكراته الجنوبية وعايشه في عملية أرامكو الأخيرة ما يظهر حجم الخيارات الصعبة التي تواجه النظام السعودي في المستقبل.