المنظّمات.. والفساد المقنَّع
سعاد الشامي
تُساور الشعبَ اليمنيَّ الهمومُ وتشبعته المآسي، وثقلت عليه وطأةُ التجويع والنكبات؛ نتيجةَ العدوان السافر والحصار الجائر الذي انتهك قداسةَ النفس البشرية والسيادة الوطنية، وهذا الوضعُ المأساويُّ كان فرصةً سانحةً لتجّار الإنسانية لبلوغ مآربهم الخفية والوصول إلى مقاصدهم الخبيثة.
وهنا ارتدت المنظّماتُ ثوبَ الرحمة الزائفة وتجمّلت بزخرف اللفظ ومعسول الوعود، وانطلقت بشتى أشكالها إلى الساحة اليمنية وهي تبيت للشعب اليمني نوايا الشر وتضمر له معالمَ الفساد، وَتحمل على كاهلها مسؤوليةَ تقويض مبادئه وسلب قيمه وخلق البيئة الفاسدة، وفقاً لرؤى ومخطّطات شريرة واستراتيجية المدى، لا يشعر بخطورتها السطحيون في التفكير والقاصرون في الوعي.
ولأنَّ المالَ يخضع الرقابَ ويستذل العبادَ ويعمي البصائرَ، تقاطرت إلى هذه المنظّمات الوفودُ وتكاثرت عليها الجموعُ وانجذبت نحوها القلوبُ واستمالت إليها النفوسُ واستطاع أصحابُها أن يخدعوا الكثيرَ من الرجال والنساء، ويجعلوهم طوعَ بنانهم كلّما أفاضوا عليهم بمال أَو أطعموهم شيئاً من الطعام، والذي هو بحقيقة الأمر مجرّد فتات من مالهم المسلوب وثرواتهم المنهوبة!.
اليومَ وتحتَ مِظلة المنظّمات تؤخذ القلاعُ الأُنثوية اليمنية المحصَّنة عُنوةً وفي وَضَحِ النهار، ولا تدرك تلك الفتاة المغرّر بها والتي ذهبت في بداية أمرها لتبحثَ عن مصدر رزقها، بأنهم سيجعلون منها وقوداً مجانية لحرب ناعمة تُدمّر الأخلاقَ وتهدم المجتمعَ.
اليوم يُغسل الرمادُ بالرماد، ويُقدِّم ذلك الموظفُ الجاهلُ لتلك المنظّمات استماراتِ الاستبيان المدروسة والمخصّصة في الاختراق المجتمعي، حتى تضع الخطط المستقبلية والمتناسبة مع الوضع والعدد وجعل السم الغربي يسيلُ في أوردة اليمن، حتى تصاب مبادئ أبنائه بالعفونة وأخلاقه بالتلوث.
اليوم وللأسف تنال هذه المنظّماتُ الخبيثةُ من الشعبِ اليمنيِّ ما عجزت أن تنالَه الصواريخُ والبارجاتُ والمدرعاتُ وجحافلُ الجيوش.