الطفولةُ المذبوحةُ.. في اليوم العالمي لحقوق الطفل
أحلام عبدالكافي
عالمي أصبح رهينةَ سجّان الحرية.. وسفاحِ البشرية وعدوِّ الإنسانية وشيطان أرعن، عالمي طريقٌ مليءٌ بالأشواك.. رداؤه الوحشيةُ وشعارُه الهمجية، عالمي بائسٌ كشيخٍ أتى عليه الزمنُ وقسى عليه الدهرُ وأصبح يرى الموتَ من كُـلِّ جانب.. عالمي كليلٍ أسودَ حالك الظلمة، عابس الهيئة، يحمل الكربة ينشر البؤس.
أطفالنا في عالمي أكفانٌ بيضاءُ، تطايرت إلى السماء كسربٍ من فراشاتٍ صغيرةٍ، أحلامنا في عالمي كسرابٍ في صحراء جرداء قاحلة، آمالنا في عالمي جريمةٌ شنعاء يعاقب عليها قانون غاب عالم يدّعي السلام..
أيّة مهزلة يُراد بها في اليوم العالمي لحقوق الطفل وأطفال اليمن يقتلون كُـلَّ يوم؟ عن أيّ عالمٍ يتحدّث هؤلاء، بل عن أيِّ سلامٍ ينشده صنّاعُ الّدمار، حتماً إنّه عالمٌ لا أعيش فيه، عالمٌ ذو سور عالٍ وجسر منيع، قد شيّدوا أركانَه وقوضوا بنيانه على أكوامٍ من جثث الطفولة المذبوحة قهراً وضيماً في اليمن..
عالمي طفلٌ يتعالى صراخُه جوعاً وسط رفاهية عالم يدّعي السّلام، بل عالمي جسدٌ مذبوحٌ في كُـلِّ ركنٍ، ودمٌ يُسفك في كُـلِّ وادٍ، عالمي بيتٌ يقصف وصاروخٌ يقذف.. عالمي أم ثكلى وأبٌ جريح وشابٌّ صريع ووحشٌ مريع، عالمي رجلٌ أبكم وأصم لا ينطق خيراً ولا يكفينا شراً.
ماذا جنيتُ لأكتوي من ناركم جرماً وزيفاً.. ماذا جنيتُ لأرتمي بين الأزقة والرصيف!!
لم تشفع لي طفولتي وبراءة مخيلتي ولم يكن لإنسانيتي اعتبار في دساتير غابكم، كنت أنا ذلك المطلب الاستراتيجي الذي تبحثون عنه في مؤامراتكم في البيت الأبيض وفي تل أبيب وفي الرياض.. كنتُ أنا من تُحلّق ضدَّه أسراب الطائرات وكنت أنا من تقذف عليه “الإف” القنابلَ والمتفجرات.. كنتُ أنا من تحشدون له كُـلَّ تلك الأسلحة الفتاكة وَكُـلّ تلك المعسكرات المدججة والعصابات المروعة.
كان موطني وحارتي ومدرستي وغذائي ودوائي هو هدفَكم.. كان أمني وإسلامي وعروبتي وإنسانيتي بغيتَكم، كان تجويعي وترويعي وتدميري وتشريدي منتهى نشوتكم.
لماذا طفولتي أنا وليسوا أطفالكم.. لماذا وطني أنا وليست أوطانكم، دماؤكم عليكم غالية ودماؤنا لديكم رخيصة.. رفاهيتكم عندكم أولوية وتعذيبي لديكم أولوية، حياتكم جعلتموها مقدّسةً وحياتي بالقتل جعلتموها مهدّدةً.
لماذا تقتاتون على دمائنا؟! وتنتشون لآلامنا؟! لماذا تسعدوّن برؤية الخراب وتتفنّنون بتعذيب الأرواح ونشر الأحزان؟!.. أفسدتم هذا العالم بتقمصكم لأدوار البشر ولوثتم هواءنا برائحة الدمار، فتباً لكم وسحقاً لكم..
فلا هناك سلامٌ في عالمي ولا هناك أمانٌ لأطفالنا.. دعوا عنّي أحاديثَ صاغها إله الشر وحذف أطفال اليمن من قواميسها، دعوا عنّي أكاذيبَ لم أجد لها في واقعي لا منهاجاً ولا دستوراً.. دعوا عني زيف منطقكم ومكر هيئتكم.. عالمي أنتم سواده وظلمته، وأنتم دماره وتهمتُه، فحتماً سيأتي ذلك اليومُ الذي ينتصر فيه عالمي على عالم السّلام المزعوم ليحلَّ محلَّه سلام لأرباب السَّلام الحقيقي.