تل أبيب: سياسة نتنياهو ضدّ إيران فشلت فشلاً مُدوِّيًا وجرأتها ارتفعت بشكلٍ مُقلقٍ
نقل مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، نقل عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في كيان الاحتلال الإسرائيليّ قولها إنّ إستراتيجيّة الضغط التي انتهجها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ضدّ إيران فشلت فشلاً مُدوِّيًا، وبالمُقابِل ارتفعت بشكلٍ حادٍّ نسبة الجرأة والبسالة والجسارة لدى طهران، على حدّ تعبيرها.
وتابعت المصادر عينها قائلةً إنّه تتطوّر في الشرق الأوسط عمليتين اثنتين مُتوازيتين: الأولى، تتعلّق بارتفاع الثقة بالنفس لدى الجمهوريّة الإسلاميّة بشكلٍ كبيرٍ، بالإضافة إلى احتدام السياسة الهجوميّة التي تبنّتها طهران في الفترة الأخيرة، على خلفية الانسحاب العسكريّ الأمريكيّ من المنطقة، وعدم الرغبة البارِزة لإدارة الرئيس دونالد ترامب في مُواجهة إيران، وخلال الأسبوع الماضي تمّ تسجل رقمًا قياسيًا في هذه السياسة، عندما أعلنت طهران رسميًا وعلنيًا عن خرقٍ إضافيٍّ مُخطّطٍ للاتفاق النوويّ، الذي تمّ التوقيع عليه في العام 2015، كما أكّدت المصادر واسعة الاطلاع في تل أبيب.
أمّا العملية الثانية، أضاف المُحلِّل هارئيل، فقد طفت على السطح في الشهر الماضي فقط، عندما اندلعت المُظاهرات في كلٍّ من العراق ولبنان، وهي المُظاهرات المُوجهة ضدّ الحكومتين في بغداد وبيروت، المدعومتين من إيران، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ التحدّي الذي يفرِضه المُتظاهرون يُسبّب وجع الرأس لدى صُنّاع القرار في طهران ويقُضّ مضاجعهم ويؤرّقهم، وبشكلٍ خاصّ للجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، المسؤول عن بناء القوّة العسكريّة الإيرانيّة في سوريّة والعراق وفي دولٍ أخرى، وإذا كان الجنرال سليماني، أضافت المصادر، مُنشغِلاً بالمُظاهرات في لبنان والعراق وكيفية وقفها، فإنّه من غير المُستبعد ألّا يكون لديه الوقت للتخطيط لعملياتٍ “إرهابيّةٍ” ضدّ إسرائيل، كما قالت المصادر.
عُلاوةً على ذلك، شدّدّت المصادر العليمة في تل أبيب، كما ذكر المُحلّل هارئيل، شدّدّت على أنّه في الشهر الماضي فقط حذّرت المُخابرات الإسرائيليّة من حصول تحوّلٍ دراماتيكيٍّ في السياسة الإيرانيّة: صُنّاع القرار في طهران اتخذوا قرارًا لا لبس فيه بموجبه تقوم الجمهوريّة الإسلاميّة بالردّ على كلّ عمليّةٍ عُدوانيّةٍ إسرائيليّةٍ، وذلك بهدف تغيير المُعادلة بين الدولتين، أوْ تغيير قواعد اللعبة والاشتباك بينهما، ومُضافًا إلى ذلك نبهّت أجهزة الأمن التابِعة للكيان من قيام إيران بتوجيه ضربةٍ صاروخيّةٍ لإسرائيل من غرب العراق أوْ حتى من اليمن بواسطة الطائرات المُسّيرّة والصواريخ المُجنحّة، كما أكّدت المصادر في تل أبيب.
من ناحيته، قال المُحلِّل ألون بن دافيد، في القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، قال نقلاً عن مصادره الخاصّة في المؤسسة الأمنيّة بالكيان إنّ إستراتيجيّة نتنياهو تجّاه إيران، التي استندت كلّها إلى ما تبينّ أنّه سند متهاوٍ، انهارت، واختفى معها أيضًا التطلع الإسرائيليّ “المبرر” للتأثير على الواقع المحيط بها ولتصميمه، مُضيفًا في الوقت ذاته أنّ الضعف الأمريكيّ يدفع الدولة العبريّة إلى الانطواء على نفسها وإبقاء المبادرة في يد الطرف الآخر، وعلى الطريق تُبدي تل أبيب ضعفًا وتُساوِم على ما اعتبر في الماضي خطوطًا حمراء، طبقًا للمصادر بالكيان.
ولفت بن دافيد، اعتمادًا على مصادره، لفت إلى أنّه في الأسبوع الماضي أطلقت بطارية مضادات طائرات لحزب الله صاروخًا نحو طائرةٍ إسرائيليّةٍ، مُوضِحًا أنّ انتشار صواريخ أرض جو في لبنان كان يُعتبر خطًا أحمر من ناحية إسرائيل، وكانت سياسة سلاح الجوّ حتى الآن تدمير كلّ وسيلة إطلاق تُهدِّد بالمس بطائراته، أمّا هذه المرّة فقد كان التردّد سيّد الموقف، كان واضحًا بأنّه إذا ما قام الجيش الإسرائيليّ بمُهاجمة وسيلة الإطلاق، فسيُقتل رجال حزب الله الذين يشغلونها، وهذا سيجر نارًا من المنظمة اللبنانيّة نحو إسرائيل، إضافةً لخطر التصعيد، مُوضِحةً أنّ النتيجة: إسرائيل وفي غياب الردّ تستدعي النار التالية، وتقبل بحقيقة أنّ حزب الله يستخدِم بطاريات صواريخ أرض-جو في لبنان، على حدّ قول المصادر.
وتابع قائلاً: بدا للانسحاب من الاتفاق النووي أنْ يكون منطقيًا لو أنّه أُسنِد بتصميمٍ أمريكيٍّ وباستعراضٍ للقوّة يُجبِر إيران على العودة إلى المفاوضات على اتفاقٍ جديدٍ، ولكن في ضوء الضعف الذي تُبديه واشنطن الآن، فإنّ إيران تشعر بأنّها محررّة، وبعد زمن غير بعيد ستبدأ في جمعٍ مُتجدّدٍ لمادّةٍ مُشعةٍ بجودةٍ أعلى، فاليوم تقِف إيران في موقع يسمح لها بأنْ تُطالِب برفعٍ تامٍّ للعقوبات كشرطٍ أوليٍّ لاستئناف الحوار مع الولايات المتحدة، وبالتالي ففضلاً عن الحاجة الفوريّة لاستئناف الاستثمارات في الخيار العسكريّ تجّاه إيران، فإنّ إسرائيل مُلزمة بأنْ تستوعب أنّها وحيدةً بالمسعى لوقف النووي الإيرانيّ، وهذا يتطلّب صياغة مفهوم أمنٍ جديدٍ يُحدِّد ما هي الإنجازات التي تُريدها إسرائيل ويُمكِنها أيضًا تحقيقها، وتأخذ بالحسبان إمكانية الفشل لتجِد نفسها أمام إيران نوويّة، قالت المصادر.