السعودية بين خياري التفاوض والهزيمة في اليمن
أعلنت السعودية قبل أيام أنها تجري محادثات مع حركة “انصار الله” اليمنية، في مسعى لإنهاء العدوان الذي يشنه التحالف السعوامارتي على البلاد منذ اربع سنوات. وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن مهدي المشاط أطلق مبادرة من طرف واحد بوقف استهداف أراضي السعودية مؤكدا أن صنعاء تحتفظ لنفسها بحق الرد حال عدم استجابة الرياض لمبادرة السلام.
دعا قائد حركة انصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمة القاها بمناسبة المولد النبوي الشريف، النظام السعودي الى وقف العدوان والحصار على الشعب اليمني محذرا من مغبة استمراره في العدوان على الابرياء.
واضاف السيد الحوثي ان من يسعى بالحروب والحصار إلى التحكم بنا وإخضاعنا فهو يسعى للمستحيل وعاقبة أمره الخسران مؤكدا ان شعبنا اليمني لن يتراجع في مسيرته التحررية التي تحقق له استقلاله التام.
وتأتي تصريحات السيد الحوثي بعد ايام من اعلان السعودية عن محادثات تجري بين الرياض وحركة انصار الله لدعم السلام في اليمن. لكن الاعلان السعودي جاء بالتزامن مع استمرار الرياض وحلفائها في خرق اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، وهو ما فسره محللون بأنه قد يجعل اي محادثات بين الطرفين هشة ما لم تلتزم الرياض بمخرجاتها بطريقة صحيحة وفي ظل مراقبة دولية.
وكان مسؤول سعودي بارز، قال الأربعاء الماضي، إن المملكة لديها قنوات اتصال مفتوحة مع حركة انصار الله في اليمن، وإن محادثات بين الجانبين تجري بكثافة حاليا. وأضاف المسؤول، الذي لم يذكر اسمه، أن قنوات الاتصال بين السعودية وانصار الله مفتوحة منذ عام 2016.
وتابع: “نواصل هذه الاتصالات بشكل مباشر لدعم السلام في اليمن”.
في المقابل أكد عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله اليمنية، محمد البخيتي، أن صنعاء لم تغلق أي خطوط للتواصل مع أي دولة عربية أو إسلامية.
وفي حديث مباشر لقناة العالم الإخبارية اضاف البخيتي: نحن كنا نؤكد في السابق ونؤكد اليوم بأننا لم نغلق أي خطوط للتواصل مع كل الدول الإسلامية والعربية، وهي دائماً مفتوحة، وهم من يلجأ إحياناً لإغلاق مثل هذه الخطوط.
وأضاف: ولكن لا يمكن لنا أن نقبل بأقل من استعادة سيادة واستقلال اليمن، وتحرير كل شبر من أرض اليمن، لأي حل قادم.
وأشار البخيتي أن الحركة لا تنفي ولا تؤكد الأنباء التي تتحدث عن وجود محادثات بين أنصار الله والسعودية.
وصرح عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله: بخصوص وجود محادثات الآن، فلا نؤكد هذا الموضوع ولا ننفيه، ولكن الكرة الآن في ملعب القيادة السعودية والإماراتية.
وأضاف: نحن قد بادرنا لوقف إطلاق النار من طرف واحد، على أمل أن تستجيب القيادة السعودية والإماراتية لمبادرة السلام.
وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن مهدي المشاط أعلن في عشرين من شهر ايلول/ سبتمبر الماضي عن مبادرة من طرف واحد بوقف استهداف أراضي السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف.
واضاف المشاط في تلك الوقت مخاطبا السعودية: “ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية ونحتفظ لأنفسنا بحق الرد في حال عدم الاستجابة لهذه المبادرة”.
وأضاف “ونؤكد بأن استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد بل قد يفضي إلى تطورات خطيرة لا نريدها أن تحدث مع كوننا على يقين من أن ضررها الأكبر لن يكون علينا وإنما على دول العدوان بالدرجة الأولى وبشكل أساسي ومباشر”.
كما دعا الرئيس المشاط دول العدوان وعلى نحو فوري إلى رفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي ووقف اعتراض السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة واحترام معاناة الشعب اليمني.
وذكرت مصادر عدة للاناضول بأن نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، وهو شقيق ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان، تحدث بشكل مباشر مع رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، وأن اتصالاً مباشراً جرى بين الطرفين بعد أيام من هذه المبادرة التي أطلقها المشاط من طرف واحد.
من جانبه أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدنى ديفيد شينكر، خلال زيارة للسعودية مؤخرا أنّ واشنطن تجري محادثات مع حركة انصار الله اليمنية بهدف إيجاد حل مقبول من الطرفين.
وفي هذا السياق، راى الاعلامي اليمني طالب الحسني بأن السعودية تحاول حفظ ماء الوجه عبر فتحها لملف المحادثات مع اليمن وذلك بعد الهزائم التي تكبدتها خلال سنوات العدوان.
وعبر برنامج “المشهد اليمني” على شاشة العالم قال الحسني إن القوى الوطنية اليمنية منذ البداية كانت منفتحة على الحل السياسي، مشيرا إلى أن العدوان منذ البداية حاول تشبيه ما يجري في اليمن على انه صراع داخلي لكنه في الحقيقة عدوان سعودي اماراتي واضح.
وعلى ضوء هذه التطورات يتساءل المحللون حول ما اذا كانت السعودية توصلت الى قناعة بضرورة الخروج من المستنقع اليمني عبر التفاوض مع حركة انصار الله، وخاصة بعدما حذرت انصار الله على لسان اكثر من مسؤول من مخاطر وتداعيات استمرار العدوان والحصار على الشعب اليمني.
ويرجح المحللون انه ومن هذا المنطلق عكفت السعودية على المسار التفاوضي مع انصار الله والتجاوب مع مبادرة السلام التي اطلقها الرئيس مهدي المشاط معتبرين انه في ظل التقدم العسكري الذي حققته انصار الله وتأكيدها على جهوزيتها للرد على العدوان فإن السعودية ليس امامها سوى خيارين إما التفاوض مع حركة انصار الله والرضوخ لمطالبها المحقة في وقف العدوان على الشعب اليمني ورفع الحصار عنه أو الاستعداد لتقلي ضربات موجعة وهزائم متتالية حال استئناف العمليات اليمنية النوعية في العمق السعودي.