الرسولُ الأعظمُ النبي والقائد والأُسوة
إكرام المحاقري
من جهل محمداً فليتدبر ما احتوت عليه صفحاتُ القُــرْآن الكريم من بيان وتبيان وحجج باهرات، وليدرك حقاً معنى “رحمة للعالمين”، وما الدينُ إلّا جهادٌ قبل أن يكونَ صلاةً، وما الأولى إلّا مكملةُ للأُخرى، فكلاهما أصلٌ من أصول الدين المحمدي الذي تحَرّك به النبيُّ الأعظمُ محمد -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآله-، فقيادة الجنود في ساحات الوغى هي نفسها إمامة المصلين في محراب العبادة نحو قبلة الحرية ونصرة الدين والكفر بالطاغوت، فبدايةُ العبادة هي “الله أكبر”..
هنا تتجلّى حقائقُ تحَرّك النبي محمد -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآله- في الجانب العسكريّ الذي غيّب عن المجتمعات المسلمة بشكلٍ عام، وإن قدّم فقد قدم بركاكة وكأن محمداً لم يبن بحدِّ سيفه دولةَ الإسلام!! هناك من جهل عظمةَ محمد وهناك من تجاهل، لكنَّ حقيقةَ الأمر حتى وإن طال أمد الضلال سيندحر (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ)، فتحَرّكُ النبي محمد قد أزهق قوى الطاغوت والطغيان.
نعم النبي محمد كان قائداً عسكريّاً محنكاً ذا فطنة وكياسة قل مثيلها، فمن يقرأ تاريخَ غزوة بدر الكبرى والخطة العسكريّة التي رسمها رَسُــوْلُ الله -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآله- كذلك كيفية تقسيم الجيش آنذاك، سيدرك حقًّا أن محمداً رجلُ جهاد، كذلك غزوة أحد، الأحزاب، خيبر، كذلك فتح مكة وتبوك، ولما لهن من آثرٍ ملموسٍ في أرض الواقع ما زلنا نتلمّس عظمته حتى اللحظة، خَاصَّة والنبي محمد كان يحرص أشدَّ الحرص على زرع الثقافة القُــرْآنية والتسليم المطلق لتوجيهات الله ورَسُــوْله في قلوب المؤمنين؛ حتى لا ينتابهم الوهن والتخاذل في ساعات المعركة، وذلك بامتحان رَسُــوْل الله -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآله- لمصداقية توجّـه المؤمنين بقوله لهم: (إن قريشاً قد أقبلت في جيشٍ لحربنا فما ترون؟)..
فكان جوابهم عليه هو ذاك الجواب القُــرْآني الصادق السائر على خطِّ النبوة والرسالة وعلى صراط الله المستقيم، حيثُ قال له أحدهم -كان يسمى المقداد-: (واللهِ يَا رَسُــوْل الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن نقول اذهب أنت وربك إنا معكما مقاتلون)، كذلك جواب “سعد بن معاذ” على الرَّسُــوْل -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآله- في ذات اللحظة: (قد آمنا بك وصدقناك فامضِ يَا رَسُــوْل الله فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، إنا لصبرٌ عند الحرب صدقٌ عند اللقاء)، وكان ذلك في تجهيز الخطة العسكريّة لغزوة بدر الكبرى والتي ركّز فيها الرَّسُــوْلُ الأعظمُ على الجانب المعنوي للمقاتلين، وهذا ما تشهده أيامنا في واقع رجال الرجال وحركة رجل المرحلة السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي.
فالنبيُّ محمد كان عالماً ربانياً ادّخر علمه من وحي الله الموحى إليه، كما إنه كان قائداً عسكريّاً وهنا يأتي المجال للأسوة الحسنة التي اختارها تعالى لنا كأمة محمد وأراد لنا بها العزة والكرامة والرفعة والسمو حتى وإن جار جور المستكبرين، فقد بنا محمدٌ دولةَ الإسلام من عدم؛ لذلك فلنقتفِ أَثَرَ الرَّسُــوْل محمد في صلاتنا وصيامنا وجهادنا وليس كما جاءت به كُتُبُ الوهابية المقيتة، بل كما جاء به كتابُ الله “القُــرْآن الكريم”، ولنجعل حياتنا ومماتنا لله وحده لا شريك له، فمحمد بحر علم كعلم القُــرْآن ومحمد قبلة لن يتوجّـه نحوها إلّا الأحرارُ لا سواهم.