بصمة إسرائيلية في الأحداث اللبنانية.. ما هو الدور الخبيث الذي لعبته “تل أبيب” لتأجيج الشارع اللبناني؟
قدّم رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري” الأسبوع الماضي استقالته من منصبه في خطوة غير متوقعة وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن “الحريري” حضر إلى القصر الرئاسي اللبناني، وقدم استقالته المكتوبة إلى الرئيس اللبناني “ميشال عون”، وخلال تلك المراسم قال “سعد الحريري”، رئيس وزراء لبنان المستقيل، في تصريحات له هي الأولى من نوعها بعد استقالته: “الآن أنا مرتاح!”، كما أعرب “الحريري” عن أمله في أن يخرج لبنان من الأزمة الحالية، ولفت إلى أنه قدم استقالته تلبية لمطالب من خرجوا إلى الشوارع اللبنانية!.
يذكر أن الرئيس اللبناني “ميشال عون” وافق على استقالة رئيس الوزراء “سعد الحريري” وحث الحكومة على مواصلة إدارة شؤون البلاد حتى يتم تشكيل حكومة جديدة.
الجدير بالذكر أن استقالة “الحريري” جاءت في الوقت الذي يعيش فيه الشارع اللبناني سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية العارمة منذ مساء 17 أكتوبر الماضي، اعتراضاً على التراجع الشديد في مستوى المعيشة والأوضاع المالية والاقتصادية، والتدهور البالغ الذي أصاب الخدمات التي تقدمها الدولة لاسيما على صعيد قطاعات الكهرباء والمياه والنفايات والرعاية الصحية.
في الواقع، إن هذه هي الاستقالة الثانية لـ”سعد الحريري” منذ عامين وفي هذا الصدد ذكرت العديد من المصادر الإخبارية بأن “الحريري” قبل عامين ظهر على قناة “العربية” بعد أسبوع من زيارته غير المتوقعة إلى السعودية، وأعلن استقالته، كما أنه أدلى بتصريحات قاسية ضد إيران و”حزب الله” اللبناني.
في الواقع، لقد جاءت تلك الاستقالة في وقت كان فيه “سعد الحريري” قابعاً في أحد السجون السعودية، وهذا الأمر يؤكد بأن السعودية كان لها دور ولا يزال في الشارع اللبناني وأيضاً كان لها دور في تأجيج الشارع اللبناني الذي خرج مؤخراً للتظاهر ضد الحكومة.
وفي وقتنا الحالي وبعد استقالة “الحريري” من منصبه، يبدو أن الكيان الصهيوني قد بذل الكثير من الجهد لتأجيج الشارع اللبناني ونشر الفوضى في العديد من المدن اللبنانية.
وفي هذا الصدد، أفادت مصادر إعلامية أن “تل أبيب” قد دعت أمريكا والدول الغربية إلى مطالبة الحكومة اللبنانية باتخاذ بعض الإجراءات القاسية ضد “حزب الله” اللبناني وذلك مقابل إعطائها مساعدات مالية. وفي هذا السياق، قالت وكالة انباء “اكسيوس”: “الحكومة الأمريكية على اتصال وثيق بالحكومة اللبنانية لسنوات عديدة، وهناك همسات ومناقشات في إدارة دونالد ترامب حول قطع التمويل على الحكومة اللبنانية، وذلك لأن الكيان الصهيوني أخبر المسؤولين الأوروبيين أن المساعدات التي يقدمونها للحكومة اللبنانية يجب أن تتوقف وذلك لأن حزب الله يُعدّ جزءاً من الحكومة اللبنانية”.
وحتى وسائل الإعلام الصهيونية قد أيدت صحة هذه الجهود الخبيثة التي يحيكها قادة الكيان الصهيوني ضد أبناء الشعب اللبناني وفي هذا السياق، ذكرت الصحيفة الصهيونية “إسرائيل اليوم”: أن “إسرائيل قد أرسلت في الأيام الأخيرة خطاباً إلى القوى العالمية مفادها أنه يجب حل الأزمة السياسية اللبنانية الداخلية من خلال حل مشكلة الصواريخ الخاصة بحزب الله اللبناني”.
كما قالت هذه الصحيفة الإسرائيلية: “لقد تم نقل هذه الرسالة من قبل وزارة الخارجية الصهيونية إلى القوى الكبرى التي تتدخل في الشؤون اللبنانية، وعلى رأسها أمريكا وفرنسا ولقد تمت عملية مناقشة هذه الرسالة أيضاً في اجتماعات مختلفة، بما في ذلك اجتماع كبار المسؤولين في إدارة ترامب خلال زيارته إلى الأراضي المحتلة الأسبوع الماضي “.
وفي السياق نفسه، أفادت القناة الأولى في التلفزيون الصهيوني: أن “مسؤولي تل أبيب قالوا إنه ينبغي على إسرائيل أن تشترط على الدول الغربية عدم تقديم مساعدات للحكومة اللبنانية حتى يتم حل قضية صواريخ حزب الله”.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه يتبين من الشروط الإسرائيلية، أن مهمة الحكومة اللبنانية المقبلة محددة بشكل واضح، أقله حسب شروط موضوعة مسبقاً من قبل الطرف الآخر، العمل على إضعاف “حزب الله” ومنع مشاركته في القرار اللبناني، وتحديداً العمل ضد سلاحه النوعي الذي بات يقلق “تل أبيب” بأضعاف ما كان عليه في السنوات الماضية، بعد أن تعاظم كماً ونوعاً ودقة، مهمة مواجهة “حزب الله” مشروطة بالتزام مسبق، ستتبعها عقوبة دولية في حال الرفض، بأن تستمر الأزمة الاقتصادية عبر منع المساعدة الخارجية عن لبنان.
يتضح مما تقدم أن الكيان الصهيوني قد بذل الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية لإقامة تحالف دولي ضد لبنان، وفي وقتنا الحالي يعتزم القادة في “تل أبيب” الاستفادة من التطورات الأخيرة في لبنان وذلك من أجل تحقيق بعض من أهدافهم ومصالحهم الاستيطانية.
في الحقيقة، يرى الكيان الصهيوني أن الاحتجاجات في لبنان هي مكان جيد للعمل بجد لتحقيق أهدافه الخبيثة في هذا البلد العربي القريب من حدوده، ولهذا السبب عمل خلال الفترة القليلة الماضية على زيادة الضغوط الخارجي على حكومة بيروت.
وفي أعقاب هذه الجهود الخبيثة التي يبذلها قادة الكيان الصهيوني، أعرب العديد من المسؤولين اللبنانيين عن قلقهم إزاء الضغوط الخارجي المتزايد على البلاد، وفي هذا الصدد، دعا رئيس مجلس النواب اللبناني “نبيه بري” إلى التعجيل بتشكيل الحكومة وحذّر من الضغوط الدولية على لبنان وقال: “أخشى من زيادة الضغوط الدولية على لبنان”.
على أي حال، إن ما يبدو واضحاً هو أن استقالة “سعد الحريري” من منصب رئيس وزراء لبنان وفّرت فرصة جيدة للصهاينة وحلفائهم الغربيين للانفتاح على البلاد، إلا أن هذه المحاولات الخبيثة لا يمكن فصلها عن الإنجازات التي حققتها المقاومة اللبنانية على الصعيدين المحلي والدولي، ولا سيما في سوريا.
وهنا يمكن القول بأن الكيان الصهيوني الذي يواجه حالياً أزمة غير مسبوقة وربما ينتقل إلى عقد انتخابات ثالثة، يبذل الكثير من الجهود لحياكة مؤامرة خبيثة لتأجيج الشارع اللبناني ونشر الفوضى وأعمال العنف في العديد من المدن اللبنانية وذلك ربما لكي يضمد بها ولو قدر يسير من جراحه بسبب الهزائم التي مُني بها على أيدي أبطال المقاومة اللبنانية.