عقوبة الإعدام تنتظر شاباً شيعياً.. هل لقصص العنصرية في السعودية من نهاية؟
تعتبر الحريات الدينية والاجتماعية والسياسية هي الركائز المهمة لتصنيف دول العالم، فتعلو بعضٌ من تلك الدول بعلو هذه الحريات التي توفرها لشعوبها وتسير نحو التقدم للحاق بوتيرة النمو المتسارع حولها، ولكن بعض دول العالم ولا سيما السعودية كانت على رأس تلك الدول التي لا تحترم حريات مواطنيها وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر والتقارير الإخبارية بأن النظام السعودي عكف خلال العقود الماضية على خلق بيئة يسودها التمييز العنصري ضد أبناء المذهب الشيعي الذين يعيشون في المناطق الشرقية من السعودية.
ولفتت تلك التقارير إلى أن الشيعة في السعودية يعيشون في وقتنا الحالي تحت وطأة سياسة التمييز الاجتماعي والسياسي التي انتهجتها الحكومة السعودية منذ تأسيسها، ومع تغيّر الأوجه وتبدّل الحكام في السعودية بقيت سياسية القمع التي يواجهها الشيعة في السعودية ثابتة لا يتغير، حيث تُمارس العنصرية ضد الشيعة في القطيف والإحساء المعروفتان منذ الأزل بثرواتهما وأهميتهما الاقتصادية حتى قبل اكتشاف غناهما بالبترول.
لقد أجمعت آراء العديد من الخبراء السياسيين والاجتماعيين بأن الشيعة في المنطقة الشرقية كانوا يعانون من التضييق الشديد في ممارسة الشعائر والإقصاء الاجتماعي والاقتصادي، ولم تنفع المبادرات التي أطلقها العديد من علماء الشيعة لتحسين العلاقات، حيث قابل النبذ هذه المساعي وضُربت مطالب الشيعة المحقّة بعرض الحائط، وبعد مرور أربعين عاماً على انتفاضة الشيعة، يجد المتابع لشأن الحريات الدينية في السعودية بأن مطالب الشيعة هي ذاتها، وبأن القمع لايزال هو الأداة المستخدمة لإخماد أي صوت يغرد خارج السرب.
وفي هذا الصدد، كشفت العديد من وسائل الإعلام بأن السلطات القضائية السعودية أفرجت عن ثلاثة أشخاص من أبناء الطائفة الشيعية التي تسكن في الجزء الشرقي من البلاد، لكنها حكمت على شاب آخر بالإعدام وذلك عقب قيام الحكومة السعودية بتلفيق عدد من الاتهامات إليه.
وحول هذا السياق، كشف عدد من النشطاء السعوديين أن السلطات السعودية أطلقت سراح “مجتبى إبراهيم التراب” يوم الخميس الماضي بعد ثلاث سنوات من سجنه.
و”مجتبى التراب”، هو مداّح شيعي وطالب في قسم الطب البشري كان يدرس في جامعة الدمام في السعودية، ولقد اعتقلته السلطات السعودية في مدينة القطيف عام 2016 بتهمة حضوره ومشاركته في مراسم ذكرى الأربعين لاستشهاد الإمام “الحسين” عليه السلام.
وفي 25 يناير 2018 حكمت محكمة جنايات الدمام في السعودية على الطالب الشيعي “مجتبى التراب” بالسجن ثلاث سنوات وكان من المقرر أن تحاكم السلطات السعودية هذه المدّاح الشيعي المحب لآل البيت في 29 أكتوبر 2017 ولكن تلك المحاكمة تم تأجيلها لأسباب غير معروفة، وفي الوقت نفسه، أطلق القضاء السعودي سراح سجين آخر يدعى “مكي العباس”، الذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهم سياسية.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن “زاهر عبد الله الزاهر” أحد سكان مدينة العوامية هو شاب آخر أُطلق سراحه قبل عدة أيام بعد أن قضى ثمانية أعوام في سجن مدينة الدمام السعودية، ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أن السلطات السعودية قامت باعتقاله في 23 يناير 2012 بعد أن قامت بتلفيق عدد من الاتهامات إليه.
كما ذكرت تلك المصادر الإخبارية بأن السلطات السعودية عقب قيامها بالإفراج عن أولئك الرجال الثلاثة، قامت بإصدار حكم الإعدام على شاب شيعي آخر، وهو “محمد حسن اللباد”، في مدينة الدمام الشرقية للسعودية.
وفي هذا الصدد أفادت وكالة أنباء “العهد” بأنّ “اللباد” سلّم نفسه للمحكمة بعد أن وعده أمير منطقة الشرقية ووعدته المحكمة الجنائية بالدمام بالإفراج عنه بعد ستة أشهر من مكوثه في السجن، إلا أن تلك الجهات نكثت بعهودها وقامت بتسليم “اللباد” للمحكمة العليا السعودي التي قامت بدورها بإصدار حكم الإعدام عليه عقب تلفيق عدد من الاتهامات إليه.
ولقد أعرب العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بأن الحكومة السعودية خانت “اللباد” وقامت بتعذيبه للتوقيع على أوراق ملفقة ضده وبعد ذلك قامت بإصدار حكم بالإعدام عليه.
و”محمد حسن اللباد” هو شقيق “جلال اللباد”، الذي طالب الادعاء العام السعودي في وقت سابق بإعدامه، كما أن لهؤلاء الأشقاء شقيق ثالث قامت السلطات السعودية بالقبض عليه في عام 2012 وأُعدما في أبريل من ذلك العام بعد تعذيبه.
الجدير بالذكر، أن انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة في السعودية تعتبر من القضايا التي كانت دائماً مصدر قلق للمنظمات والمجموعات الدولية لحقوق الإنسان ولكن هذه القضايا المتعلقة بالعنف الطائفي والسياسات التمييزية المنهجية، كانت وما زالت من بين القضايا التي غالباً ما يتم إهمالها من جانب المجتمع الدولي، على الرغم من اختفاء العديد من الضحايا الذين لا يزال يتم البحث عنهم حتى هذه اللحظة ولكن بعض المنظمات الدولية كتبت تقارير تدين فيها تلك الأعمال العنصرية التي قامت بها ولا تزال تقوم بها السلطات السعودية ضد أبناء الطائفة الشيعية في البلاد.
وحول هذا السياق، كشف تقرير صادر عن “مجموعة الأزمات الدولية” مؤخراً عن حالات التمييز ضد الشيعية في الشؤون العامة، حيث إنه لا يتم انتخاب أي شيعي وزيراً أو عضواً في السعودية، كما يحظر استخدام الشيعة في وظائف مثل القوات المسلحة وقوات الحرس والأجهزة الأمنية والقضاء وشركات الطيران والمناصب الإدارية في شركات البترول.
وفي السياق ذاته ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير عن التمييز العنصري ضد الشيعة في السعودية، أن المواطنين الشيعة في السعودية يواجهون تمييزاً منهجياً في الشؤون الدينية والتعليم والعدالة والعمالة.
وأكد التقرير الذي حمل عنوان: “الكرامة المرفوضة: العنصرية والعدائية المنهجية ضد المواطنين السعوديين الشيعة”، أن الأطفال الشيعة في المدارس، يتم تدريبهم على الوهابية، ولا يقتصر التمييز ضد الشيعة على الجانب الديني، بل يمتد إلى الجانب التعليمي كذلك، حيث لا يسمح للشيعة بتعليم المبادئ الشيعية للأطفال في المدارس الرسمية، والجانب القضائي، حيث قد لا يسمح القاضي السني للشاهد الشيعي بتقديم شهادته “لعدم أهليته.”