ما بين المولد النبوي وأعيادُ الوهّابية

مرتضى الجرموزي

 

وهل في حبِّ رسول الله والاحتفال بمولده بدعة، وهل الاقتداء والتأسّي برسول الله بدعة وضلالة، وهو من قال فيه الله في كتابه الكريم: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).

فما بال هؤلاءِ القوم ينعتوننا بالمبتدعة والرافضة والمجوسية حينما يروننا نحتفلُ بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وأهله أفضلُ الصلاة وأجلُّ التسليم، أما يستحون من الله، أما يخجلون من الله؟!.

كيف لهؤلاءِ الأقزام من يسمّون أنفسهم أهلَ السنة والجماعة والسلف الصالح والفرقة الناجية، وهم من يقدحون ويكيلون الشتم واللعن والطعن لمن يذكّرهم برسول الله.

وهل في ذكر الله وتعظيم شعائره والاقتداء برسوله وأنبيائه وأوليائه بدعةٌ وكفر وضلالة، وكأننا نعيشُ الجاهلية قبل بعثة رسول الله من أرسله اللهُ بالنور والهدى والزكاء والرحمة المهداة من ربِّ السماء والأرض، ليأتي هؤلاءِ فيكيلون التهمَ ليلاً ونهاراً لمن يحتفل بالمناسبات الدينية، وفي مقدمتها ذكرى المولد النبوي وذكرى الولاية، أيُّ هراء هذا الذي نسمعه من أبواق ومزامير الشيطان، أيُّ علماء دين ومشايخ فقه وسُنّة وجماعة يكفّرون من يحتفل بمناسبة ذكرى إخراج البشرية من الظلمة إلى النور؟

نحن في يمن الإيْمَـان نتخذ رسولَ الله أسوةً حسنةً، وَمنهاجاً نسير عليه ونوراً نهتدي به في ظلمات الحياة، ونبراساً للدين والقيم والأخلاق الراقية التي بلغ أعلى مراتبها –صلى الله عليه وعلى آله.

ونحن في اليمن إذ نتغلّب على جراحٍ أثخنها مشايخ ودويلات محسوبة على السُّنّة والجماعة، تحتمل أجسادنا الممزقة ودماؤنا النازفة لنحيي ابتهاجاً وفرحاً المولد النبوي الشريف في المدن والقرى وفي جبهات القتال في الداخل والحدود، جمعينا سنكون على موعد الثاني عشر من ربيع محمد؛ لنحتفلَ بقدوم مولد الطهر طه.

واجهنا التحديات، ووجدنا بيوتنا ركاماً وأكواماً جرّاءَ قصف طيران الأذناب بحقده الدفين على الإنسانية، وآثرنا الاحتفالَ بالمولد النبوي على أنفسنا، كيف لا نحمل هذه النفسية ونحن من سمعنا رسولَ الله يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من قلبه ونفسه وماله وأهله)، وها نحن يا رسولَ الله نقتدي بك وننتظرُ قدومك، وأنت أحبُّ إلينا من أنفسنا وأهلنا وأموالنا.

وفي الوقت الذي يحتفل أحرارُ العالم الإسلامي، وفي مقدمتهم اليمنيون بمولد الرسول الأعظم، ففي مملكة نجد وبالقرب من مكّة والمدينة، تحتفل السعوديةُ بـ موسم الرياض والذي يضمّ عدداً من الفعاليات، بما فيها الرقص الشرقي والغربي واستضافات لأشهر فناني العالم، سهرات ليلية صاخبة ومجون واختلاط بين الرجال والنساء اللواتي يتسابقن لمعانقة أساتذة اللهو والطرب والغناء على مرأى ومسمع من الذين ما انفكوا عن كيل تبديعهم للذين يحتفلون بالمولد النبوي المبارك.

أيُّ دناءة هذه التي تسير عليها مملكة قرن الشيطان؟!، وأيُّ خساسة هذه الذي وضع النظامُ السعودي نفسه فيها؟!

وهل الانزلاق إلى هذا المستنقع يعدُّ ثقافةً وحضارةً، وهل الاحتفال بعيد الحب وعيد رأس السنة وعيد الشجرة واجبٌ ومقدّسٌ في سنّتهم، أليس من العيب والبدع احتفال مثل هكذا مناسبات دينية نستلهم منه الدروسَ والقيمَ النبيلة، ولن نكونَ كأولئك المتشدقين بالسُّنّة كذباً وزوراً وهي منهم براءٌ كبراءة الذئب من دم نبي الله يوسف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى