رسولُ الله في مقدّمة الصفوف الجهادية
محسن الشامي
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)، وهنا تختصر الآيةُ تقريراً لواقع العرب ما قبل البعثة سياسياً اجتماعياً وثقافياً وقَبَلِيًّا وجغرافيا واقتصادياً وإنسانياً (لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)، كلما تعنيه كلمة ضلال، هذا يعني: أن المسؤوليةَ -يا محمد- كبيرةٌ جِـدًّا، تحتاجُ معها إلى خطٍّ ساخن ومباشر مع السماء، وهنا انطلق مضمار الرسالة وفقَ مسارين، المسارُ الأول ثقافي، يتم من خلاله غرس المفاهيم الصحيحة وتعديل الإنسان قيمياً بما يتلاءم مع الفطرة.
إن أكثر إنسان أنصف رسولَ الله -صلى اللهُ عليه وعلى آله- مستنداً إلى القُــرْآن، هو السيد حسين بدر الدين الحوثي -رحمة الله عليه-، بل أوضح كثيراً من الأمور التي غيّبها كاتبو التاريخ والسير، فرسولُ الله لم يكن مُجَرّد واعض أَو فقيه يتمركز حول نفسه في زاوية المسجد، ويدع الله لمُجَرّد الدعاء، بل سلَّ سيفه وحمل على الكفر من يومه الأول، كان في مقدمة الصفوف شجاعاً مقداماً، يضرب بسيفه هامة الكفر، ويبرهن على أنَّ القيادةَ يجب أَنْ تكونَ في مقدمة الصفوف، أجهد الرسولُ -صلى اللهُ عليه وعلى آله- نفسه ونصب وجهَه وبذل كُـلَّ طاقاته العلمية والمعرفية والبدنية؛ لانتشال المجتمع العربي فرداً فرداً من حضيض الجهالة والسفه والتيه والانحطاط، كانت ناشئة الليل هي الدينامو المحرّك لبناء العلاقة الروحانية مع خالق هذا الكون.
وبعدَ تهيئة الأرضية القوية حان الدورُ إلى الانتقال إلى المسار الميداني العملي الجهادي، فقد قضى على أكبر منظومةٍ للفساد عاشتها الجزيرة العربية في وقت قياسي، لم يتجاوز عددُ شهداء الإسلام في كُـلّ المعارك الستمِئة شهيد، فبنى بذلك أعظم دولة مدنية في تاريخ البشرية، المرأةُ عاشت حرّةً كريمةً تتمتّع بكاملِ حقوقها الأخلاقية والمادية، وكذلك اليتيم والعبد والحر في مرتبة واحدة، يكون السائدُ فيها صاحبَ التقوى.