الفرحةُ الكبرى
يحيى صلاح الدين
فرحنا بالنبي دائم..
ولا نخشى من اللائم..
من الطبيعي جِـدًّا أن نفرحَ بمولد رسول الله وذلك للأثر والخير الكبير الذي جاء به وقد أمر الله -عَــزَّ وَجَـلَّ- في كتابه الكريم بذلك (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) وقال عن رسوله الكريم عليه وعلى آله أفضلُ الصلاة والتسليم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) حقاً إنه رحمةٌ ونجاةٌ، وكان قدومُه إنقاذاً للبشرية جمعاءَ من التيه والضياع والظلم الذي كانوا فيه، كيف لا وكان الناسُ في أسوأ حالٍ، ظلم وجهل وفقر وحقارة إلى أحط مستوى؟ ألم يكن الناسُ في ذلك الوقت يعبدون الأحجارَ ويدفنون بناتِهم ولا يعرفُ الشخصُ نسبَه وَمَن أبوه كانوا يتقاتلون لأعوام على أتفه الأسباب؟ كلنا نسمع عن معارك داحس والغبراء والبسوس من أجل خيل قوم سبقت خيل قوم، فسُفكت الدماءُ لأعوام، كان الجارُ لا يأمنُ جارَه، أجسادهم وسخة لا تعرف النظافة وعقولهم مغيبة لا تعرف التفكير ولا خيرَها من شرِّها.
فبعث الله -عَــزَّ وَجَـلَّ- محمداً الرحمةَ المهداةَ بشيراً ونذيراً ليُخرِجَ اللهُ به الناسَ من الظلمات إلى النور، جعل للنفس قيمتها وعرّفها بخالقها والغاية من وجودها، فقضى على التيه والحيرة ثم حرّم قتلَ النفس والاعتداء عليها إلّا بالحق، ثم قضى على الفقر، وشرعت الزكاة والكفارات والنذور والصدقة حتى اكتفى الجميعُ، هذب النفسَ بالصلاة والصوم.
أليس ذلك رحمةً تستحقُّ الاحتفالَ والفرحَ والبهجةَ؟!، لقد استطاع محمدٌ رسولُ الله أن يُحدِثُ في الناس تحولاً جذرياً ويرفعَهم من الوضعية التي كانوا عليها ويخرجَهم من الظلماتِ إلى النور..، فعليك منا يا حبيبي وسيدي يا رسولَ الله أزكى الصلاة والتسليم وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين.