أسلوب القرآن أن تعطي للناس قضية يتحركون فيها

|| من هدي القرآن ||

 

هذه تؤكد لك بأن من عمل المتغيرات الخارقة للعادة سيعمل المتغيرات لمن يسيرون على هديه ويهيئ لهم أن يعملوا في سبيله، إذا كانوا منطلقين لنصر دينه، لإعلاء كلمته، ليسوا منطلقين من قضايا شخصية لديهم.

والإنسان في هذا الموضوع أيضاً قد يجهل مثلاً كيفية التأييد الإلهي؛ لأننا دائماً تفكيرنا يكون معناه: أن الناس ينطلقوا ولا يلاقوا أي صعوبة! أحياناً تأتي بعض الصعوبات تكون هي تعتبر من أهم الأشياء للإيجابيات التي بعدها، ويكون لبعض الأعمال التي تبدو صعبة، أو بعض المشاكل التي تعترض الناس أحيانا يكون لها أثر كبير جداً في نفوسهم وبالنسبة للعمل الذي ينطلقوا فيه هو.

نحن كنا نقول من بحين، أول ما بدأوا يسجنوا الشباب بصعدة: أنهم أفادونا كثيراً بسجنهم هذا! أفادوا هذه القضية بشكل كبير فعلاً، بحيث سكَّتوا كثيراً ممن كان يقولون: ما هي فائدة هذا العمل؟ ما هي فائدة هذا الموضوع؟

نقول لهم: لاحظوا هذا يبرهن على أننا نستطيع أن نزعج الأمريكيين، ونغيظهم بشعار واحد، ونؤثر عليهم! فهذا عمل صالح. في نفس الوقت برهنوا على أن هذا عمل يغيظهم ويؤثر عليهم. طمس كل تلك التي كنا نسمعها. ما كان هناك شائعات يقولون: [ويش منه ذا الكلام؟ ويش با يؤثر عليهم؟ ويش فائدته؟!] ألم يكونوا يقولون هكذا؟

ثم عرف الناس أن ما هم مسجنين لهم إلا لأن هذا عمل مؤثر عليهم، على الأمريكيين، وأنهم منزعجين منه جداً. كيف ما ينزعجوا وهم فاهمين في إيران ما أخرجهم إلا شعار مثل هذا! ما هم عارفين؟ في إيران خرجوا على أعقابهم من مظاهرات فقط تهتف بشعار الموت لأمريكا الموت لإسرائيل.

هم عارفين وما زالوا مفجوعين من هذا الشعار، هم ما زالوا مفجوعين منه، من أيام ما كانوا يسمعوه في إيران.

طيب هذا هو العمل الصحيح: أنك تبحث عن عمل مؤثر على العدو، لا أن تنطلق إنطلاقة الضعفاء، انطلاقة الجبناء، انطلاقة المهزومين، انطلاقة العمي، تبحث عما يرضيهم، أو تبحث عن الشيء الذي يزعجهم، ولا يؤثر عليهم. وأن يكون على هذا التقدير بالشكل الذي يتناوله الناس.

لو انطلق الناس يشكلوا مثلاً عصابات، مثلما يعمل الآخرون الذين يعملون أشياء من هذه، لكن لا، معلوم في مواجهة اليهود والنصارى أن أفضل طريقة أن يكون هناك جمهرة للناس، ولو في قضايا معينة. قدم للناس شعار يمكن أن يرددوه في أي قرية، ويرددوه في أي مكان.

أليس هذا عمل سهل، في متناول الناس جميعاً؟ بعضهم يقولون: لماذا لا تنطلقوا؟ نقول لهم نستطيع أننا نعمل مثل الآخرين، عشرة أشخاص، ما هي بحاجة أنك تهتم، عشرة أشخاص ينطلقوا، ويكونوا عشرة أشخاص، ويقوموا هم يختطفوا أمريكيين، ويقوموا يعملوا تفجيرات، ويعملوا أشياء من هذه، ما هو ممكن بعشرة؟ لكن لا، ليس المطلوب بالشكل هذا، المطلوب أنك تعطي للناس قضية يتحركون فيها؛ لأن هذا هو أسلوب القرآن. أسلوب القرآن وهو يوجه خطابه للمؤمنين، للمسلمين.

ولازم أن ننزل طريقة للمسلمين، للمؤمنين وأن نتحرك فيها، ونحرضهم هم؛ لينطلقوا فيها، وأن هذه أكثر أثرا، تعرفوا أن هذه أكثر أثراً؟ عشرة لو نجعل عشرة أشخاص، أو عشرين شخصاً ويكونوا هم يعملوا أعمال مثلما يعمل الآخرون في مرحلة كهذه، في مرحلة كهذه، لما كان لها أثر مثل أن ننطلق بشعار نرفعه في مساجدنا، بالنسبة للأمريكيين.

ممكن يطلق من قبل الأمريكيين على مجموعة إذا كانوا يعملون هذا العمل أنهم إرهابيين، ومفجرين، وأنهم مخربين، وأنهم، وأنهم.. الخ. فتكون هي تعطي شكل مبرر للأمريكيين في هذه المرحلة.

لكن الشعار نفسه انطلق أثّر عليهم جداً، ويعرفوا ماذا يعني التأثير عليهم في هذا الموضوع. ولو نأتي نستقري ما حصل من تأثير عليهم، لو لم نذكر إلا ما ظهر من خلال السجن، وما حصل أنه مؤثر عليهم، وما قالوا للناس أنه مؤثر إلا من خلال قضية عملوها هم، الأمريكيون وهي ماذا؟ أن يسجنوا أشخاصاً.

إذاً تعرف أن مسألة السجن التي تبدو مخيفة عند الكثير من الناس، ما هي برزت عملاً مهماً في إطار القضية؟ بمعنى أن ما معنى أنك عندما تنطلق في سبيل الله تكون متوقع أنك ما تخسر شيئاً، أو ما تتعرض لسجن، أو ما يحصل لك قضية. قد يحصل هذا، لكن تكون بالشكل الذي يكون لها إيجابية كبيرة جداً في مجال نصر القضية التي أنت تتحرك من أجلها.

أي ما أسلوب القرآن أسلوب أنه يأتي يُأمّن الناس، يقول لهم: تحركوا، ولا عليكم شيء، ولا أحد سيتعرض لكم، ولا، ولا. ليس هكذا، هو هنا يفترض من المؤمنين أنهم يبيعون أنفسهم من الله. هذه أول نقطة، يكون الناس منطلقين، مستبسلين وهم في [في نفس الوقت متوقعين أن يتعرضوا لأي شيء في سبيل الله، ولكنه سيكون بالشكل الذي يكون له إيجابية كبيرة جداً في مجال نصر القضية التي يتحركون من أجلها].

إذاً انتهت القصة إلى هذا، إلى أنه عرض لنا كيف كانت رعايته لأوليائه، وكيف كان ثناؤه على أولئك الفتية، مجموعة، ما قال الباري: ماذا يمكن أن يعملوا؟! تعرفوا هذه؟ ما قال ماذا سيعملون وهم ليسوا سوى مجموعة بسيطة، مثلما قد يقول البعض مننا.

نعم يستطيع أن يعمل الناس كهؤلاء – ما بالك أكبر منهم – أشياء رهيبة جداً، وكبيرة جداً. فأثنى عليهم، وقدر لهم عملهم، وأحاطهم برعاية هائلة جداً، بدءاً من الشمس إلى عند الكلب، إلى عند تقليب أجسادهم ذات اليمين وذات الشمال؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المصلحين، ولا يضيع أجر المحسنين.

وكما قدر لهؤلاء وهم فتية حركتهم، قدر لاثنين من بني إسرائيل نصيحتهم، وتوجيههم لبني إسرائيل {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} (المائدة23).

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يؤمنوا به حق الإيمان، وممن يربط على قلوبهم، وممن يحوطهم بعنايته، ورعايته في سبيل إعلاء كلمته ونصره.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

(آيات من سورة الكهف)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: الجمعة: 29/8/2003م

اليمن – صعدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى