أضرار فادحة في منشأتَي «أرامكو»: الرياض تصرّ على المكابرة
بعد أسبوع من التكتّم الشديد على حجم الخسائر التي تعرّضت لها منشأتا «أرامكو»، استدعت السعودية وسائل الإعلام العالمية لعرض الأضرار التي بدت ضخمة، لكنها أبقت على إصرارها في شأن قدرتها على تخطّي الأزمة في وقت قياسي، يبدو بالنسبة إلى كثير من المحللين مستبعداً
مع مضيّ أسبوع على وقوع هجمات «أرامكو»، قررت السعودية الكشف عن الأضرار التي ألحقتها العملية بالمنشأتين المستهدفتين. وعلى رغم الخسائر والأضرار الناتجة من ذلك الاستهداف، تصرّ الرياض على أن في مقدورها استعادة إنتاجها بشكل كامل، في خلال أقلّ من أسبوعين.
وخلال جولة للصحافيين على خريص الواقعة في شرق السعودية، وبقيق على بعد نحو 200 كيلومتر شمالاً من خريص، حيث يوجد أضخم مصنع لتكرير الخام في العالم، قال مسؤول في «أرامكو»، إن المنشأة الأولى تعرّضت لأربع ضربات في 14 أيلول/ سبتمبر، بينما استُهدفت الثانية بـ 18 ضربة. وتبيّن الصور تعرّض 15 برجاً ومنشأة وخزانات ضخمة لأضرار، وكذلك منشآت تعمل بالأخصّ على فصل الغاز عن النفط الخام. وأفاد المسؤول في المجموعة، خالد الغامدي، بأن «ستة آلاف عامل يشاركون في أعمال الصيانة»، فيما لفت مسؤول آخر إلى أن «عدة بؤر حساسة في المصنع تأثرت» بالضربات. وقال أحد المسؤولين في «أرامكو»، فهد عبد الكريم، إنه خلال الهجوم «كان هناك ما يتراوح بين 200 و300 شخص داخل المنشأة»، مؤكداً خلال الجولة داخل الموقع أن «أحداً لم يصب بجروح»، إلا أن الأضرار المادية كبيرة.
وعلى رغم حجم الأضرار، لا تزال الشركة متفائلة باستئناف الإنتاج بشكل كامل بحلول نهاية الشهر الجاري، إذ أعلن عبد الكريم أنه «تمّ تشكيل فريق طوارئ لتصليح المعمل وإعادة إطلاق الأنشطة وإعادة (الإنتاج) إلى مستواه المعتاد». وأشار إلى أنه «في أقلّ من 24 ساعة، عاد 30% من المعمل إلى العمل»، متابعاً أن «الإنتاج سيكون في المستوى الذي كان عليه قبل الهجوم بحلول نهاية الشهر… سنعود أقوى من قبل». غير أن خبراء اعتبروا أن هذا الهدف طموح؛ إذ رأت «إنرجي إنتليجنس»، في تقرير، أن بعض أعمال الصيانة ستحتاج إلى «عدة أسابيع». وفي مقابل التطمينات السعودية، ظلّت أسعار النفط على طريق أكبر زيادة أسبوعية منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، إذ ارتفع خام «برنت» بنسبة تزيد على 7%، مقارنة بالأسبوع الماضي.
وفي تجلّ للأزمة التي تمرّ بها الشركة، بدّلت «أرامكو» درجات الخام الممنوح لبعض العملاء، فيما أرجأت تسليم الخام ومنتجات نفطية لعملاء آخرين لعدة أيام. وقالت عدة مصادر إن حالات التأخير في تحميل النفط الخام منتشرة على نطاق واسع، حيث تلقّى معظم المشترين طلباً من عملاق النفط السعودي بإرجاء شحنات من المقرّر تسليمها في تشرين الأول/ أكتوبر، بما يتراوح بين سبعة إلى عشرة أيام، ما يمنح الشركة المنتجة للنفط المزيد من الوقت للحفاظ على استمرار الصادرات عبر تعديل الإمدادات من المخزونات والمصافي التابعة لها. ووفقاً لمصادر «رويترز» وبيانات من «رفينيتيف وكبلر»، تمّ تبديل درجات الخام الذي جرى تحميله في السعودية على متن ثلاث ناقلات عملاقة هذا الأسبوع لنقله إلى الصين والهند، من نفط خفيف إلى ثقيل، فيما طُلب من المزيد من المشترين في آسيا السماح بتأجيل شحنات وتبديل الدرجات في الشهرين الحالي والمقبل. وقال محلل في قطاع النفط إن «أرامكو» تسحب الخام العربي الثقيل من مخزوناتها لتبديل درجاته، مضيفاً إن «السعودية دائماً تصرف مخزونات النفط في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس، لذلك، فإن مستوى المخزونات الحالي سيبلغ ما يتراوح بين 170 مليوناً و175 مليون برميل تقريباً»، وهذا «يكفي نظرياً لمدة 25 يوماً. لكن على أرض الواقع، يمكن أن تقل هذه المدة».
ضغوط على معتقلي «الريتز» للمشاركة في الاكتتاب!
كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية أن السلطات السعودية تضغط على الأُسر الأكثر ثراءً في المملكة للاكتتاب في الطرح العام الأولي لشركة «أرامكو»، والذي أرجئ أشهراً إضافية بعدما كان مقرراً قبل نهاية العام الجاري، على خلفية الهجمات اليمنية التي استهدفت منشأتَي بقيق وخريص. وبحسب ثمانية أشخاص مطلعين على المحادثات تحدثوا إلى «فايننشال تايمز»، فإن هذه الأُسر هي جزء من خطة لـ«بناء الثقة» في صفقة «أرامكو» السعودية. في هذا الإطار، أشارت أربعة مصادر إلى ممارسة الإكراه وليّ الأذرع والمضايقات في حقّ بعض الأسر الأكثر ثراءً في المملكة، في مساعٍ لتصبح مستثمراً رئيساً في «أكبر اكتتاب عام» على الإطلاق. ولفتت الصحيفة في تقريرها الذي نشر يوم أمس، إلى أن عدداً من المستهدفين كانوا ضمن الذين اعتقلوا في الـ«الريتز» بين عامي 2017 و2018، ومن بينهم الوليد بن طلال. وفي حين لا يزال الكثير من أصول هذا الأخير مجمّداً في المملكة منذ الواقعة الشهيرة، فإن الاقتراح يقضي بأن يتبرّع بها للاكتتاب. ووفق أحد المتموّلين المستهدفين، فإن العشرات من أغنى الأسر السعودية تم التواصل معها بالفعل، وهي «مجموعة كبيرة من بين أغنى 50 عائلة». وكجزء من الحملة، أُرغم رجل أعمال سعودي واحد على دفع مبلغ يصل إلى 100 مليون دولار، طبقاً لأحد مستشاريه. وأفرج عن رجل الأعمال هذا، بعد توقيع اتفاق مع السلطات، سَلَّم بموجبه أصولاً مادية ودفع أقساطاً شهرية لسداد «ديونه» للحكومة، لكن الأخيرة تشجّعه راهناً على «القيام بواجبه الوطني تجاه المملكة».
(الأخبار)