إن لم يعِها النظامُ السعودي فالثالثة هي القاضية

منير إسماعيل الشامي

 

من المعروف أن المنشآتِ الصناعيةَ الحديثةَ والتي تعملُ وفقَ أنظمة إلكترونية لا تعملُ إلا في ظروفٍ خَاصَّةٍ وطبقاً لمعاييرَ دقيقةٍ جِـدًّا تصلُ إلى مستوى درجة الحرارة والتكييف ونظافة الهواء المحيط من أية ذرة غُبار، إضافةً إلى ذلك فإنَّ أَهَــمَّ مكونات الأنظمة الإلكترونية هي شبكةُ الكابلات التي تربطُ النظامَ بين الحواسيب والأجهزة والآلات ويعتمدُ عليها نجاحُ أنظمة التشغيل.

وَإذَا كان أدنى خللٍ فني في منشأة تعملُ بنظام إلكتروني يتسبّبُ في تعطيلها لأيام، فمعنى ذلك أن الحريقَ الناتجَ عن قصف المنشآت النفطية في البقيق قد التهم النظامَ الإلكتروني بحواسيبه وسرفراته وَأجهزته وآلاته والمباني التي تحتويها.

هذه البنية استغرق إنشاؤها عقوداً من الزمن حتى وصلت إلى ما كانت عليه قبل العملية.

وهذا يعني أنهم لكي يعيدوها إلى ما كانت عليه يحتاجون إلى وقتٍ طويلٍ يتعدى أشهراً، وأنهم لن يستطيعوا تشغيلَها إلا بعد شهور من العمل المتواصل على مدار أربعٍ وعشرين ساعة وبطاقةٍ تشغيلية لا تتجاوز ٢٠٪ مما كانت عليه..

وهذا ما يؤكّـدُ أن هذه العملية قد استهدَفت الضرع الحلوب غزير الإدرار -كما قال السيد القائد أبو جبريل يحفظه الله- وأوقفت أَهَــمَّ ضرعٍ من ضروع البقرة المُدرَّة..

التوقُّفُ يعني إلحاقَ الضررِ بالنظام الأمريكي بصورة مباشرة وإلحاق الخسائر المباشرة التالية بالنظام السعودي:-

١- احتراق كمية قدرُها ٨ ملايين برميل؛ نتيجةَ القصف بمبلغ يُقَدَّرُ بنصف مليار دولار، وهي الكميةُ المعلَنُ عنها من النفط ومشتقاته، إضافةً إلى كمية الغاز وكلفتها.

٢- احتراقُ المنشآت الصناعية النفطية بكل مكوناتها والتي ربما تتجاوزُ تكلفتها ٦٠٠ مليار دولار.

٣- الخسائرُ الناتجة عن توقُّفِ ما لا يقل عن ٥٠٪ من إنتاج السعودية اليومي والتي لا يقلُّ عن نصف مليار دولار يومياً.

٤- الشروطُ الجزائية التي ستدفعها شركةُ أرامكو لعملائها؛ نتيجةَ عدم الوفاء بالتزاماتها بتسليم الكميات المتعاقد عليها؛ بسَببِ توقف الإنتاج وستكون كبيرةً وباهضة.

٥- تكلفةُ الإعادة لبنية المنشآت ستكون أكبر من تكلفة البُنية المدمّــرة؛ بسَببِ فارق الأسعار بين الماضي والحاضر.

٦- التكاليفُ غير المباشرة الناتجة عن عملية القصف أَيْـضاً ستكونُ كبيرةً جِـدًّا.

٧- الآثارُ المترتبةُ عن القصف ستكونُ طويلةَ الأجل، وستنعكس سلباً على الاقتصاد السعودي والخليجي بخسائرَ وهبوط في أسعار الأسهم السعودية والخليجية في الأسواق المالية حاضراً وعلى المدى القصير والطويل.

هذه المعلومات يدركُها كُـلُّ المختصين ويعلمون أن عواقبَها وآثارَها قد تكون أبعدَ مما يمكنُ تصوُّرُه..

٨- ارتفاعُ أسعار النفط عالمياً ستتضررُ منه كُـلُّ دول العالَمِ، وسينعكس على مختلف أسعار السلع والخدمات فيها.

٩- في حالة ما تمكّــن النظامُ السعودي من إعادة تأهيل المنشأتين فكيف يضمنُ عدمَ استهدافهما مرةً أُخرى وبماذا سيحميهما؟!

وبالتالي فإن كُـلّ ذلك يؤكّـدُ أن هذه العملية ضربةٌ قويةٌ ستُفقِدُ النظامَ السعودي توازنَه، وهو لم يستوعبها بعدُ من هول الصدمة، وأن عمليةً هجوميةً ثالثةً ستكونُ الضربةَ القاضيةَ لإسقاط النظام السعودي والقضاء عليه.

إذن هي ضربةُ مُعَلِّــمٍ بكل ما تعنيه الكلمةُ، والنظام السعودي هو المعنيُّ بالتعامل مع نتائجِ العملية، وهو الذي يجلبُ على نفسه البلاءَ من خلال استمراره في العدوان، والخاسرُ الأكبرُ فيه وهو مَن يبقى القرار بيده في تحديدِ مصيره في البقاء أَو في السقوط بعد هذه الضربة، وهذا ما ستكشفُه الأيّامُ القادمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى