هل ما بعدَ عملية بقيق كما قبلَها؟

العميد الركن المتقاعد/ ناجي الزعبي*

(اقتبس بالحرف)

قال رئيسُ هيئة الأركان الأمريكية المشتركة “جوزيف دانفورد” في اجتماع الندوة الفكرية التابعة لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، في 6 سبتمبر الجاري: إن بلادَه لديها “اتّفاق يسمحُ لنا بوجود قوات كافية في المنطقة؛ لردع أي هجوم إيراني ضدَّ أمريكا أَو الأمريكيين”.

واستدرك قائلاً: “لكن بوضوح ليست لدينا قوةُ ردع لاعتراضِ هجماتٍ على شركائنا في المنطقة، فيمكنُك أن ترى السعودية والإمارات تعرّضتا مؤخّراً لاعتداءات”، في إشارة إلى التفجيراتِ التي استهدفت سُفُناً في مايو الماضي بميناء الفجيرة الإماراتي، وهجماتِ الحوثيين المستمرّة على مصالحَ في السعودية والإمارات، ومنها شركةُ “أرامكو” النفطية العملاقة.

وعلّق الضابطُ الأمريكي على القدرات العسكرية الإيرانية بالقول: إنه يحترمُها “ولا يمكنُ تجاهُلُها أيضاً”.

(انتهى الاقتباس).

جسّد شعبُنا اليمني بعملية “بقيق” “وخريص” المَعْقِل النفطي الأضخم في العالم، مشهداً غيرَ مسبوقٍ في تاريخ النضال العربي الصهيو أمريكي، وهو يحصُدُ ثمارَ صبرِه الاستراتيجي، وعقلِه العسكري والسياسي والدبلوماسي الفذّ، وعطّلت العملية حصولَ السعودية على تريليوني دولار خلال خمس سنوات كعوائد طرح أسهمها للبيع.

إن العمليةَ التي استهدفت فيها عشرُ طائرات مسيّرة حقلَ ومصفاةَ السعودية الأضخم، ومصدرَ الأوكسجين السياسي والاقتصادي للسعودية وأمريكا والعدوّ الصهيوني الذي يمولُ العدوان على اليمن، وهو يزود السعودية بما نسبته ٦٥-٧٠٪ من إجمالي ناتجها النفطي، والبالغ من ٥ إلى ٧ ملايين برميل يومياً وبدورها تزود السعودية العالم بالنفط، كانت ثمرة من ثمار الصبر والصمود الاستراتيجيين، والنجاح في إيقاع العدوّ بفخ معركة استنزاف استهلكت رصيدَه السياسي والعسكري والاقتصادي والأخلاقي والوجودي، فقد أصبح أداةً باليةً خرقةً مهزومة.

وكان توقيتُ العملية لافتاً ونوعياً، يذكرنا بتوقيت إسقاط القلوبال هوك، واحتجاز إيران لناقلة النفط البريطانية، وعملية المقاومة اللبنانية -حزب الله- بأفيونيم، وعملية أسدود وعسقلان، وصواريخ المقاومة الفلسطينية بغزة التي سقطت أثناء وجود الإرهابي الصهيوني “نتنياهو” بأسدود، حيثُ كانت كُـلّ المناخات المحلية والإقليمية والدولية مهيئةً لتقبل الردّ اللبناني الذي كانت ساحته موجة وداعمة، والرد الإيراني والفلسطيني واليمني.

وقد أتت بعد سلسلة استهدافات للمنشآت السعودية النفطية بحقل الشيبة شرق السعودية، وخط أرامكو شرق وغرب السعودية وبعد توجيه إنذار يمني صريح وواضح، كما فعلت إيران والمقاومة اللبنانية والفلسطينية، وَبعد امتلاك الجيش واللجان قدرة على التعرض والردع ومواصلة استنزاف خصومه واستهداف عمقهم، وتحمله تبعات ردود الفعل من أي نوع، وتوحد محور المقاومة على النحو الاستراتيجي.

إن ما يميز حقول “بقيق وَ”خريص” هو القدرة الإنتاجية العالية التي تبلغ ٦٥-٧٠٪ من إنتاج النفط السعودي الإجمالي، وتأثير ذلك على أسواق النفط وارتفاع أسعارها خلافاً لسياسة ترامب، وَمدى تأثير ذلك على أسواق المال والبورصة، وهي رسالةٌ بأن تدفق النفط في هرمز وباب المندب، يخضع لإرادة أصحاب الأرض وأبنائها.

إن هذه العمليةَ بمثابة مكافئة على نهاية الخدمة للفاشل بولتون، وصفعةٍ انتخابية لنتنياهو، وتهديدٍ مباشر للمعتدي الأمريكي الحقيقي على اليمن؛ لإيقاف عدوانه على اليمن.

ثم إنها ضربةٌ موجعةٌ للأمن السعودي الداخلي؛ نظراً لتعاون شرفاءَ من الداخل السعودي مع الجيش واللجان حسب الناطق العسكري اليمني، إضافة للخرق الاستخباري المعتاد، وضربة أُخرى لمشروع طرح أسهم أرامكو للأسواق، فأي أحمق يقدم على الاستثمار في بيئة غير آمنة، ورسالة يمنية أُخرى تقول: يدنا هي العليا، ولدينا القدرة للوصول لأي هدف نريده في الزمان والمكان الذي نقرّره؛ بهَدفِ إنهاء العدوان.

* كاتب أردني- عمّان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى