كيف ساهمت أمريكا وبريطانيا بشكل مباشر في تدمير اليمن
قال كلٌّ من مشعل هاشم وجيمس ألين في مقال لهما على موقع «ذا نيشن»: «إن شركات السلاح الأمريكية ساهمت مساهمة مباشرة في تدمير اليمن بعد أن باعت معدات عسكرية بقيمة 5 مليار دولار إلى كل من السعودية والإمارات في عام 2018 فقط».
وأوضح الكاتبان أنه أثناء انعقاد حفل زفاف في قرية الراقة بني قيس بحجة في أبريل (نيسان) 2018م وهي لحظة استراحة من الدمار الذي سببته الحرب والاحتفال بالحياة والحب وولادة عائلة جديدة وفي غفلة من الضيوف بسبب الموسيقى الصاخبة قصفت طائرة حربية المكان. فقد شن التحالف السعودي الإماراتي غارة جوية قاتلة؛ ليتحول الزفاف إلى مذبحة.
في ذهول بحث الضيوف عن أحبائهم في بحر من الدماء والأشلاء. وفي صورة معبرة ظلت أكاليل الزهور التي يرتديها المحتفلون على قمة الأنقاض. وقُتل ما لا يقل عن 20 من الحاضرين في الغارة الجوية الوحشية.
وقد كشفت تقارير وسائل الإعلام أن القنبلة من طراز – GBU-12 Paveway II التي تصنعها شركة Raytheon الأمريكية أحد أكبر مقاولي الدفاع في البنتاجون. لكن مآسي كهذه لم تمنع الرئيس ترامب من ممارسة حق النقض «الفيتو» في 16 أبريل لرفض قرار أصدره الكونجرس لإنهاء التدخل الأمريكي في الصراع اليمني وقد فشل الجمهوريون في إبطاله. في نهاية المطاف، بالنسبة للعديد من القادة في واشنطن، فإن هذه المآسي جزء من نموذج أعمال مربح بشكل ملحوظ.
من الواضح أن هذا هو الحال بالنسبة لشركات الدفاع الأمريكية التي كانت تزود السعودية والإمارات بالأسلحة والمعدات بجميع أنواعها في حربهما المستمرة – يشير الكاتبان – ولكن الأمر لا يقل عن ذلك بالنسبة لمجموعات الضغط المجهولة التي تمثلها. في عام 2018م كانت أكثر من عشرة من هذه الشركات تعمل نيابة عن السعوديين أو الإماراتيين بينما تقدم أيضًا خدماتها لمقاولي الدفاع الذين تستخدم أسلحتهم في النزاع.
مثالان بارزان لشركات الضغط المنخرطة بقوة في حرب اليمن هما مجموعة Mckeon وAmerican Defense International (ADI). تمكنت كلتا الشركتين بذكاء من تمثيل أقوى شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية و السعودية والإمارات لعب نموذج الضغط هذا – الذي يسمح لهم بإرضاء العديد من العملاء في نفس الوقت – دورًا مهمًا في إبقاء الولايات المتحدة حاضرة في النزاع اليمني.
أظهرت حادثة قصف الزفاف نمطًا مثيرًا للقلق – يكشف الكاتبان – إذ تشير التقارير إلى أن العديد من الغارات الجوية للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن نفذت باستخدام ذخائر أنتجها أربعة من كبار المتعاقدين الأمريكيين – «لوكهيد مارتن، وبوينج، وجنرال دايناميكس ورايثيون» ـ تمثل هذه الشركات الأربع أكبر موردي الأسلحة للتحالف السعودي الإماراتي وقد أنفقت ملايين الدولارات على جهود الضغط للحفاظ على الدعم السياسي للتحالف في واشنطن. كما أن تأثير هذه الجماعات واضح في تأمين لقاءات مع كبار المسؤولين في لجان الكونجرس الرئيسة للدعوة إلى زيادة مبيعات الأسلحة والضغط عليها.
في عام 2018م وفقًا لموقع قانون الإفصاح عن اللوبي الذي يوفر معلومات عن هذه الشركات وعملائها المحليين، أنفقت بوينج 15 مليون دولار على جماعات الضغط، وشركة لوكهيد مارتن 13.2 مليون دولار وشركة جنرال ديناميكس 11.9 مليون دولار، ورايثيون 4.4 مليون دولار. في حين أن هذه المبالغ قد تبدو باهظة، إلا أن هذه النفقات قد حققت عائدًا استثنائيًا على الاستثمار من خلال مبيعات الأسلحة للسعوديين والإماراتيين.
فقد وثق تقرير نشره مركز السياسة الدولية العام الماضي أن هذه الشركات وغيرها باعت أسلحة بقيمة 4.5 مليار دولار للسعودية و1.2 مليار دولار للإمارات في عام 2018 وحده. وفي قلب هذه الشبكة من المال تحقق شركات مثل ADI ومجموعة McKeon أرباحها من صناعة الحرب.
تحت إدارة عضو الكونجرس الجمهوري السابق ورئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب هوارد ماكيون تنخرط مجموعة ماكيون في هذه الحرب المنسية لمدة أربع سنوات حتى الآن. وتمثل الشركة العديد من كبار البائعين للأسلحة والذخائر بما في ذلك شركة لوكهيد مارتن، ونورثروب جرومان، وأوربيتال ATK، وMBDA، وL3 Technologies، وكذلك السعودية. بمعنى آخر فإن مجموعة ماكيون تضغط على آلة واشنطن السياسية لصالح كل من البائع والمشتري.
منذ أن أصبح عضوًا في الكونجرس – يضيف الكاتبان – كان لهوارد ماكيون علاقات مع صناعة الدفاع الأمريكية. يقدم مساره في داخل وخارج الكونجرس مثالًا مثاليًا لما يشبه الباب الدوار الصناعي العسكري لواشنطن. من عام 1991 إلى عام 2014، عندما كان يشغل مقعد الكونجرس عن كاليفورنيا تلقى ماكيون مساهمات في حملات بلغت قيمتها حوالي 192 ألف دولار من شركة لوكهيد مارتن ومثلها من شركة نورثروب جرومان.
كانت هاتان الشركتان آنذاك أهم المساهمين في حملته وهما الآن من عملائه الحاليين. في المقابل دافع عن مصالحهم داخل الكونجرس وخاصة بصفته الرئيس القوي للجنة القوات المسلحة، والآن يفعل الشيء نفسه من خارج الكونجرس عبر جماعات الضغط. تتلقى شركته مساعدة سنوية بقيمة 190 ألف دولار من شركة لوكهيد مارتن و110 ألف دولار من شركة «نورثروب جرومان» لجهوده في «الكابيتول هيل». في عام 2018 وحده حصلت الشركة على مبلغ ضخم قدره مليون و700 ألف دولار من 10 من أكبر مقاولي الدفاع مقابل ترويجه لضرورة مواصلة تدفق الأسلحة إلى السعودية.
في الوقت نفسه يعمل ماكيون وشركته أيضًا بشكل مباشر مع المملكة – يواصل الكاتبان – التي تصادف أنها واحدة من أكبر المشترين الأجانب لسلاح لوكهيد مارتن ونورثروب جرومان. كشفت سجلات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب FARA أنه في العام الماضي حصلت مجموعة McKeon على قرابة مليون دولار من قبل الرياض للضغط في الكونجرس ضد مشاريع قوانين من شأنها أن تؤثر سلبًا على تجارة الأسلحة الأمريكية مع السعوديين. كان هناك القرار رقم 54 حول اليمن الذي رعاه السناتور بيرني ساندرز والسيناتور مايك لي ويهدف إلى إنهاء التدخل الأمريكي في تلك الحرب.
تشير ملفات FARA إلى أن الشركة مارست ضغوطًا شديدة على أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب مع اقتراب الاقتراع. وقبل أسبوعين بالضبط من إجراء التصويت على القرار اتصلت مجموعة ماكيون بالسيناتور الجمهوري في أوكلاهوما جيم إينهوفي الرئيس الحالي للجنة القوات المسلحة نيابة عن السعوديين.
ومرة أخرى في 29 نوفمبر في اليوم التالي للتصويت قدمت الشركة أيضًا تبرعًا بقيمة ألف دولار إلى السناتور. في النهاية صوت إينهوفي مؤيدًا لاستمرار الدعم العسكري للسعوديين دون مبالاة بالآلاف من القتلى المدنيين.
عندما تنجح مجموعة McKeon في تنفيذ أجندة السعوديين وصناع الأسلحة العملاقة في واشنطن فإنها تثبت قيمتها وتتلقى مكافآت كبيرة – يشدد الكاتبان. ولا شيء بما في ذلك مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول أو التقارير عن الحرب الوحشية في اليمن التي خلفت أعدادًا كبيرة من اليمنيين القتلى أو على حافة المجاعة ردع شركة «ماكيون» عن مواصلة تكثيف أنشطتها في مجال الضغط.
تحدثت تقارير مروعة عن الموت والجوع والدمار في اليمن لكن أعضاء جماعات الضغط في ADI عملوا بقوة على تعزيز مصالح عملائهم من الإماراتيين والمقاولين في مجال الدفاع. على سبيل المثال، تكشف تقارير FARA أنه في سبتمبر (أيلول) 2018، اتصلت ADI بمكتب السناتور الديمقراطي في نيو مكسيكو مارتين هاينريش عضو لجنة القوات المسلحة نيابة عن سفارة الإمارات المتحدة في واشنطن.
ركزت المناقشة على الوضع في اليمن ومبيعات قنابل Paveway إلى الإمارات – بعبارة أخرى حول بيع قنبلة شركة ريثيون التي حولت زفاف يحيى جعفر إلى مجزرة. تشير ملفات FARA أيضًا إلى أنه خلال الشهر نفسه اجتمعت ADI مع مستشار السياسة لعضو الكونجرس الجمهوري عن ولاية لويزيانا ستيف سكاليز للضغط ضد قرار بشأن اليمن. لهذه الجهود وما شابهها واصلت الإمارات ضخ 45 ألف دولار شهريًا في ADI. في الوقت نفسه من الواضح أن جهود الضغط هذه أفادت عميلًا آخر للشركة: «رايثيون». دفعت الشركة المصنعة لقنابل Paveway 120 ألف دولار في عام 2018.
يقول الكاتبان: «إن حق النقض الذي مارسه الرئيس ترامب ضد قرار إنهاء الدعم الأمريكي للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن وعدم قدرة الكونجرس على إبطاله، قد أعطى زمام الأمور لجماعات ضغط، مثل جماعة ماكيون، ومجموعة ADI».
كما أثبت ذلك أنه بالنسبة لترامب والعديد من الجمهوريين فإن رفاهية أفراد العائلة المالكة السعودية ومقاولي الدفاع أكثر أهمية من مجرد حافلة تقل أطفال مدارس قتلتهم قنبلة MK-82 الموجهة بالليزر صنعتها لوكهيد مارتن وأن رفاهية Raytheon أهم بكثير من عائلة مسافرة في سيارتها أصيبت بقنبلة موجهة بالليزر GBU-12 صنعتها تلك الشركة؛ وأن أرباح مقاولي الدفاع أكثر أهمية بكثير من حياة الرجال والنساء والأطفال الذين كانوا في أحد الأسواق في اليمن بعد ظهر هادئ في 2016م عندما أودت قنبلة MK-82 بحياة ما لا يقل عن 80 منهم.
بالإضافة إلى استخدامها مرارًا وتكرارًا في غارات جوية أسفرت عن مقتل مدنيين، تشير التقارير إلى أن الأسلحة التي تبيعها شركات مثل لوكهيد مارتن ورايثيون للسعوديين والإماراتيين في بعض الحالات قد سُرقت أو حتى بيعت لمنظمات مرتبطة بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وهي أسلحة يمكن أن تُستخدم يومًا ما ضد أفراد الجيش الأمريكي.
اليوم يحظى التحالف السعودي الإماراتي ومقاولي الدفاع الأمريكيين وجماعات الضغط الأمريكية بالضوء الأخضر للمضي قدمًا في قتل اليمنيين الأبرياء مقابل ممارسة الأعمال التجارية. ومع ذلك، على الرغم من خسارة معركة أخرى في تلك الحرب في الداخل، لا يزال بعض أعضاء الكونجرس يبحثون عن طرق جديدة لمعالجة هذه القضية، بما في ذلك احتمال نزع فتيل المشاركة الأمريكية في الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي تصاحبها.
من الواضح أنه لا تزال هناك فرص لإرسال رسالة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بأنه لم يعد بمقدورهما كتابة الشيكات لشركات الضغط مثل McKeon وADI لشراء النفوذ والتأكد من أن السياسيين الأمريكيين يغضون الطرف. فربما لن تسمح الولايات المتحدة لنفسها في يوم من الأيام بالتورط في مآسٍ، مثل زفاف يحيى جعفر الذي انتهي بمشهد من الأنقاض، وبقايا قنبلة أمريكية.
الجارديان تجيب على أسئلة هامة بشأن الحرب في اليمن: لماذا اندلعت وما هو دور بريطانيا في الحرب؟
منذ متى و الحرب مستمرة؟
اليمن يعاني من الحرب منذ عقود لكن الصراع الحالي اشتد في آذار/مارس 2015 عندما تدخل التحالف السعودي بذريعة إعادة حكومة هادي وتعتبر الحرب على نطاق واسع أنها حولت بلدًا فقيرًا إلى كارثة إنسانية وتوقعت الرياض ان تهزم قوتها الجوية مدعومة بتحالف اقليمي بما في ذلك الامارات الحوثي في غضون أشهر.
ماهو سبب الحرب؟
جذورها تكمن في الربيع العربي حيث خرج المتظاهرون المؤيدون للديمقراطية إلى الشوارع في محاولة لإجبار الرئيس علي عبد الله صالح على إنهاء حكمه الذي دام 33 عاماً رد صالح بتنازلات ولكنه رفض الاستقالة. وبحلول آذار/مارس 2011م أدت التوترات في شوارع العاصمة صنعاء إلى مقتل المتظاهرين على أيدي الجيش.
وفي أعقاب إتفاق تم التوصل إليه بوساطة دولية، تم نقل السلطة في نوفمبر إلى نائب الرئيس هادي مما مهد الطريق لإجراء الانتخابات في فبراير/شباط 2012م حيث كان المرشح الوحيد لقيادة حكومة انتقالية وقد رفض المتمردون الحوثيون من الشمال محاولات هادي للإصلاحات الدستورية وإصلاحات الميزانية.
وينتمي الحوثيون إلى المسلمين الشيعة المعروفين باسم الزيديين وقد قاموا بالإستيلاء على العاصمة مما أجبر هادي على الفرار في نهاية المطاف إلى الرياض وتوجد أيضا حركة انفصالية قوية في الجنوب ويمكن القول إن الكثير من الأطراف تستفيد ماليا من الوضع الراهن.
ويلعب البريطانيون دوراً مزدوجاً دور دبلوماسي في ملف اليمن في مجلس الأمن الدولي ومستشارين عسكريين للتحالف السعودي في الرياض وهو ما اعتبره النقاد دورا خفيا للوسيط والقاتل في نفس الوقت. ويزعم دبلوماسيون من المملكة المتحدة بمن فيهم بعض المتشككين السعوديين، أن لها نفوذاً ليس فقط على الاستراتيجية العسكرية السعودية بل أيضاً على تفكيرها الدبلوماسي، مما يمنع السعوديين على سبيل المثال من شن هجوم شامل على مدينة الحديدة الساحلية
توسطت الأمم المتحدة فى التوصل إلى اتفاق فى ستوكهولم في شهر ديسمبر لتجريد مدينة الحديدة على البحر الأحمر من السلاح وبعد خمسة أشهر من المحادثات المتعثرة تم تنفيذ جزء من الاتفاق على الأرض كان الحوثيون قد وعدوا بإعادة الانتشار على مرحلتين خارج المدينة ووافقوا على أن قوة بديلة – لم يتم تحديدها بشكل جيد في اتفاقية استكهولم – ستتولى الأمن في المناطق التي يتم إخلاؤها لكن المحادثات بين الحوثيين والقوات الحكومية التي تدعمها الإمارات تعثرت بسبب التفاصيل.
وفي مواجهة الجمود وافقت الأمم المتحدة على انسحاب الحوثيين من جانب واحد من الموانئ الرئيسية الثلاثة على ساحل البحر الأحمر اليمني – الحديدة ورأس عيسى والصليف، ووصفت الحكومة اليمنية الانسحاب بأنه خدعة، قائلة أنهم قاموا فقط بإعادة مقاتليهم كخفر سواحل ليتم إحراز أي تقدم في المرحلة الثانية من إعادة الانتشار، أو تبادل السجناء السياسيين، ويحاول غريفيث الآن تأمين ما يكفي من التقدم في الحديدة للخروج من هذا المأزق، والقول إن الوقت قد حان لإجراء محادثات سياسية أوسع حول حكومة انتقالية ستعقد في بو.