ثقافةُ “الضعف العسكري” لدول العدوان

أحمد صبري داود

منذ اليوم الأول للعدوان الأمريكي السعودي على بلادنا، كان تحالفُ الشر يراهنُ على تركيعِ الشعب اليمني وإذلاله، وإسكات الأصوات الحرة التي تتطلع إلى بناء يمن جديد غير منقوص السيادية.

وإذا كان ثمة من يخضع ويقبل بالهوان، كهادي والخانعين في فنادق الرياض، فإن هناك آخرين وطنيين أحراراً لا يقبلون بالاستسلام، ويفضّلون الموتَ بعزةٍ على الحياة بخنوع، ولا يهابون الموتَ؛ لأَنَّ الموتَ آتٍ لا محالةَ، وهو قَدَرٌ على كُـــلّ إنسان؛ لذا كان “أنصارُ الله” والقوى الوطنيةُ في صدارة المدافعين عن هذا الوطن بثباتٍ وعزيمة لا تلين، غيرَ آبهين بالترسانة العسكرية المهولة لدول العدوان، وللحربِ النفسية الكبرى التي رافقته؛ بهَدفِ تحقيق انتصارٍ سريعٍ على شعب الإيمان والحكمة.

ومعروفٌ أن الحروبَ في العالم تقومُ على أحد أمرين:

الأول: سيطرةُ القوي على الضعيف واستغلال موارده وخيراته.

والثاني: هو أن يسعى الضعيفُ للتحرّر من تحكم القوي، ودفع الاحتلال عن وطنه والظلم عن مواطنيه، وهذا هو نهجُ “أنصار الله”، والجيش واللجان الشعبيّة وكل يمني حر شريف يأبى الضيمَ والخضوعَ والانكسار؛ لأَنَّ الدفاعَ عن الوطن هو من أهمّ الثوابت المقدسة، وعكس ذلك خيانة ونذالة وارتزاق.

والصورةُ اليومَ واضحةٌ وجلية، فالقوى الوطنية المناهضة للعدوان لم تتجاوزْ جغرافيةَ اليمن، ولم تلتحقْ بركب المنافقين والمتآمرين على الوطن، ولم تُقِمْ في فنادق “الرياض” لتبيعَ الأرضَ والعرض، مقابلَ حفنة من المال المدنس.

وأمام هذا العدوان الباغي، ضرَبَ اليمنيون أروعَ الأمثلة في الاستبسال والشجاعة، ووقَفَ المعتدون عاجزين عن تحقيق أَيَّةَ مكاسِبَ ميدانيةٍ للعام الخامس على التوالي، ولم يعد هدفُ السعودي والإماراتي والأمريكي الانتصارَ على اليمن عبر إعادة ما يسميه بـ “شرعية هادي” أَو من خلال تدمير الجيش واللجان الشعبيّة أَو إعلان القوى الوطنية الاستسلام والخضوع، بل تجاوز ذلك إلى سفك دماء الأبرياء في معظم المحافظات اليمنية، وهي ثقافة تدل على مدى “الضعف العسكري” الذي وصلت إليه دولُ العدوان؛ لأَنَّ كُـــلّ الدول مهما اشتد بأسُها وزادت قوتُها عليها أن تبقى ضمنَ أُطُرِ المبارزة العسكرية لا استهداف المدنيين العزل.

إنَّ جرائمَ العدوان الأمريكي السعودي ضد المدنيين الأبرياء طيلة الأعوام الأربعة الماضية قد تجاوزت كُـــلّ المحرمات والقوانين الإنسانية والدولية والدينية، كما التصقت بهذا العدوان كُـــلُّ الأوصاف المُشينة لتماديه واستهدافه المدنيين الأبرياء، ويمكن القول إن تحالُفَ البغي قد هُزِمَ في ميدان المعركة وَهُزِمَ كذلك في ميدان الأخلاق، وبات ضعيفاً منكسراً عاجزاً عن انتزاع أي انتصار في اليمن، بعكس أبطال الجيش واللجان الشعبيّة الذين حافظوا طيلةَ السنوات الماضية على المبارزة العسكرية الشريفة ولم يستهدفوا مدنياً واحداً على الرغم من إطلاقِهم لمئات الصواريخ والقذائف على المدن والمحافظات السعودية.

إنَّ السعوديةَ التي تقودُ تحالفَ العدوان قد أحرجت نفسَها منذ اليوم الأول بالدخول في عدوانٍ سافر وخبيثٍ على اليمن، وهي تغرقُ يوماً بعدَ يومٍ في هذا المستنقع، وَتظُنُّ أن استهدافَ المدنيين وقتلَهم بوحشية سيجلبُ لها الانتصارَ السريع، وهو ما لم يتحقّقْ لها حتى الآن؛ لأَنَّ اليمني منذ القدم لا يقبلُ الانكسارَ أَو الخضوع؛ لذا كانت الجرائمُ المتواصلةُ بحق المدنيين الأبرياءِ هي دافعاً أساسياً للوطنيين الأحرار للتوجهِ إلى جبهات القتال ومواجهة هذا العدو بكافة الوسائل والأُطُرِ المتاحة.

والآن لم يعد أمام مملكةِ الشر سوى الانسحابِ وإعلانِ الهزيمة، أما الاستمرارُ في هذا التيه والطغيان فلن يقودَها إلا إلى الغرق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى