هذا ما تخبئه ‘اسرائيل’ واميركا وراء ‘ورشة المنامة’
متابعات | 26 مايو | مأرب برس :
على الرغم من الموقف الحاسم للسلطة الفلسطينية بمقاطعة ورشة “التسوية من أجل الازدهار”، تصرّ الإدارة الأميركية على عقدها في العاصمة البحرينية المنامة يومي 25 و26 حزيران/يونيو المقبل، التي ستكون بمثابة الخطوة الأولى العلنية في سياق تنفيذ خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلامياً باسم “صفقة القرن”.
وفيما أعلنت السعودية والإمارات، يوم الأربعاء الماضي رسمياً، أنهما ستشاركان في هذا المؤتمر الاقتصادي، كشفت مصادر مصرية مسؤولة على صلة وثيقة بملف المشاورات الخاصة بترتيبات الخطة الأميركية، تفاصيل عدد من المشاريع الاقتصادية المقرر طرحها بالشراكة مع الولايات المتحدة. وبحسب المصادر التي اطلعت على جانب من المشاورات الإقليمية الخاصة بهذا الشأن، فإن كبير مستشاري الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، والمبعوث الأميركي للتسوية في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، توصلا إلى تفاهمات مع قيادات دول خليجية على الخطوط العريضة لعدد من المشاريع الاقتصادية في المنطقة العربية.
وقالت المصادر وفقا لما اوردته “العربي الجديد”، إن “من بين المشاريع المستهدفة، مراكز لإنتاج الطاقة، بما في ذلك محطات توليد كهرباء عملاقة، ومشروع ربط كهربائي تكون أطرافه مصر، والسعودية، وفلسطين. مع العلم أن مشروع الغاز الإقليمي تشارك فيه مصر والأردن و”إسرائيل”. وأضافت المصادر أن “من بين المشاريع المطروحة تحالفات مصرفية برأس مال عربي إسرائيلي”، لافتة إلى أنه “تم التوافق على توزيع تلك المشاريع في عدد من العواصم العربية ذات الثقل الإقليمي بشكل متوازن”، من دون أن تكشف مزيداً من التفاصيل بشأن الدول التي ستنخرط في هذه المشاريع، وما هو موقف البعض منها.
واعتبرت المصادر أن “الورشة الاقتصادية التي تستضيفها المنامة، ستشهد إعادة طرح مشاريع وخطط اقتصادية قديمة بثوب جديد، وفي مقدمة تلك المشاريع (قضبان التسوية)، الذي يعدّ تطويراً لفكرة خط الحجاز القديم“.
وبحسب المصادر، فإن “مشروع قضبان التسوية الذي كشف عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في وقت سابق من العام الماضي، يستهدف إيجاد خط تجاري من البحر المتوسط وصولاً إلى الخليج (الفارسي)، مروراً بالأراضي الفلسطينية المحتلة. ويُخطَط أن يمر خط السكة الحديد من هناك إلى السعودية، على أن يمر بالحدود الأردنية ومدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة. ويأتي المشروع الجديد لتحويل دولة الاحتلال إلى جسر برّي يربط الشرق بالغرب، على أن يكون الأردن مرتبطاً بالسعودية ودول الخليج (الفارسي) والعراق، وصولاً إلى البحر الأحمر من خلال خليج العقبة ومدينة إيلات جنوباً“.
وكشفت المصادر أن “الفترة الماضية شهدت لقاءات، جمعت رجال أعمال خليجيين ومصريين بمسؤولين في الولايات المتحدة، من المشرفين على تنفيذ صفقة القرن، بحضور مسؤولين ورجال أعمال إسرائيليين”، مؤكدة أنه “تم ترتيب زيارات مماثلة لرجال أعمال فلسطينيين مقيمين في الضفة للولايات المتحدة، لتنفيذ شراكتهم في عدد من المشاريع التي يتم التخطيط لتنفيذها ضمن الصفقة، على الرغم من الصعوبات المتوقع أن تواجههم في ظل المقاطعة الرسمية للمؤتمر والرفض الشعبي له”. وقال مصدر مصري مسؤول مقرب من دوائر صناعة القرار، إن “60 في المائة من صفقة القرن تم تطبيقه بالفعل فلسطينيّاً، وأن الجزء الأكبر المتبقي من الصفقة، هو الخاص بالترتيبات الإقليمية“.
وكانت إدارة ترامب قد فرضت عدداً من الخطوات التي تعتبر أنها أساسية لفرض خطة إملاءاتها لتصفية القضية الفلسطينية، بما في ذلك الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة ل”إسرائيل”، ومنح “إسرائيل” الضوء الأخضر لزيادة الاستيطان، والعمل على تفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” التي تخوض عملياً معركة بقائها.
واللافت أن عدداً من القرارات الخاصة، التي اتخذتها بعض الدول العربية أخيراً بتيسير إجراءات الإقامة الدائمة، وتسهيل حركة الفلسطينيين، وأبناء فلسطينيي 48، بعد أن ظلوا لفترة طويلة مقيدين، كلها قرارات ليست ببعيدة عن الترتيبات الخاصة بـ”صفقة القرن“.
وفي السياق، برز خلال الآونة الأخيرة القرار الذي اتخذ في الأردن؛ بالسماح لأبناء قطاع غزة المقيمين على أراضيه بملكية منازل وشاحنات ضمن شروط محددة، فضلاً عن قرار السعودية الخاص بالإقامات المميزة، الذي لم يستثن فلسطينيي الداخل الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، وقرار الإمارات الخاص بنظام الإقامة الدائمة والبطاقات الذهبية.
وكشف المصدر المصري أن “جهاز المخابرات العامة المصري رصد في تقرير سرّي، أن عام 2018 شهد خروج 34 ألف مواطن من قطاع غزة عبر معبر رفح، ولم يعودوا مجدداً للأراضي الفلسطينية”، قائلاً إن “هذا هو المسعى الذي تعمل “إسرائيل” عليه منذ سنوات، للضغط بشكل كبيرعلى الفلسطينيين للخروج من بلادهم، بما يسهل بعد ذلك من عمليات التسوية”. وشدّد على أن “هذه الأرقام غير اعتيادية“.
من جهة أخرى، قال المصدر إن “هناك قناعة لدى صانع القرار المصري، وبالتحديد المسؤولين عن الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة، أن القائمين من الجانب الأميركي على صفقة القرن، مجموعة من الهواة (في إشارة إلى كوشنر وغرينبلات)، اللذين يتعاملان بسطحية مع القضية الفلسطينية، متناسيين جذوراً ممتدة لعشرات السنين”.
وأضاف أن “هناك أطرافاً عربية في تهافتها على “إسرائيل” وتقديمها شيكاً على بياض لكوشنر، لأسباب لها علاقة بطبيعة الخلافات الإقليمية والخليجية، أسهمت في التسريع بتنفيذ الصفقة، وتنامي آمال ترامب في التوصل لإنجاز الجانب الأكبر منها قبل نهاية ولايته الحالية”.
العربي الجديد