واشنطن بوست: ترامب يريد دفع إيران إلى نقطة اللاعودة
متابعات | 24 أبريل | مأرب برس :
قالت صحيفة “واشنطن بوست” في تحليل إخباري لها، إن الرئيس دونالد ترامب يريد دفع إيران إلى نقطة اللاعودة، وذلك بعد قرار إدارته الأخير الذي أنهى فترة الإعفاءات التي منحتها سابقاً لبعض الدول لتتمكن من استيراد النفط الإيراني وتجنب العقوبات الأمريكية عليها.
القرار الأخير، وفق الصحيفة، هيمن على أسواق الطاقة والكثير من الشركاء الأمريكيين الرئيسيين، والذين توقع الكثير منهم الحصول على تمديد إضافي للإعفاءات، حيث ارتفعت أسعار النفط عقب القرار الأمريكي الأخير ووصلت إلى على أعلى مستوياتها خلال ستة أشهر.
وخلال مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، يوم الاثنين الماضي، قال إن هذا الإجراء هو محاولة لتقليص النفوذ الإيراني وإن “الهدف لا يزال بسيطاً؛ حرمان النظام الإيراني من استخدام أمواله لزعزعة استقرار الشرق الأوسط”.
وتضيف الصحيفة: إنه “بالنسبة لإدارة ترامب فإن هذه الخطوة هي الخطوة الأخيرة لمواجهة إيران، فبعد انسحاب أحادي لأمريكا من صفقة النووي التي تم التوصل لها مع إيران، فرضت واشنطن سلسلة من العقوبات الشاملة على كبار المسؤولين الإيرانيين وقطاعات مختلفة من اقتصاد البلاد، كما تم إدراج الحرس الثوري الإيراني ذي النفوذ الواسع على لائحة الإرهاب، وهو عمل من شأنه أن يجعل من الصعب على الإدارات الأمريكية المستقبلية إصلاح العلاقة مع الحكومة الإيرانية”.
بومبيو حذر خلال المؤتمر الصحفي من أن أي كيان أو جهة تتعامل مع إيران يجب أن تعلم أنها مُخاطرة لن تعود عليها بالفوائد.
إلى الآن من غير الواضح تماماً إن كانت إدارة ترامب قد درست هذه العقوبات بعناية، بحسب ما تقول الصحيفة، فالولايات المتحدة ستعتمد على السعودية لتعويض النقص الحاصل في إنتاج النفط الإيراني وغيابه عن الأسواق، غير أن خبراء الطاقة حذروا من أن الأمر قد يكون أكثر صعوبة ممَّا يبدو، ومن ثم فإن ذلك سيؤدي إلى رفع أسعار الغاز بالنسبة للمواطن الأمريكي العادي.
تقول ساره فاخشوري، خبيرة النفط الإيرانية: “يمكن للسعوديين وأوبك وروسيا تغطية غياب النفط الإيراني عن السوق، ولكن ذلك سيكون على نطاق ضيق للغاية”، مشيرة إلى أن “الأسعار سوف ترتفع بشكل كبير حيث لن يكون هناك قدر كبير من الطاقة الفائضة المتبقية في السوق لأي انقطاع محتمل”.
وتقول “واشنطن بوست” إن البيت الأبيض يرى أن تكتيكات الضغط ترفضها قوى إقليمية أخرى، فطهران تصدر نحو مليون برميل من النفط يومياً نصفها يذهب إلى الصين، بالإضافة إلى تركيا وكوريا الجنوبية والهند واليابان، كما أن جميع الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة غير راضين عن أساليب واشنطن القسرية.
يقول جيرالد فايرستين نائب رئيس معهد الشرق الأوسط: إن “امتثال هذه الدول للعقوبات الأمريكية على الفور أو مواجهتها سيكون صعباً إن لم يكن مستحيلاً”.
المسؤولون الصينيون والأتراك انتقدوا في بيانات قوية العقوبات الأمريكية أحادية الجانب، وأبدوا رغبتهم في مواصلة التعامل مع الإيرانيين، أما بالنسبة للهند فقد أشار محللون إلى أنها ستستمر على الأرجح في شراء النفط بمبلغ مخفض من خلال الدفع بالروبية.
كما أثار عداء ترامب لإيران غضب الحلفاء في أوروبا الذين ما زالوا يحاولون إقناع طهران بالبقاء ضمن الاتفاق النووي، فلقد قالت ماريا بيلوفاس المتحدثة باسم وفد الاتحاد الأوروبي لدى الولايات المتحدة لصحيفة “وورلد فيو”: “إننا نأسف لهذا الإعلان من طرف الولايات المتحدة، القرار يهدد بتقويض اتفاقية حظر الانتشار النووي الحاسمة بالنسبة للأمن الإقليمي والعالمي”، مبينة أن “وكالة الطاقة الذرية أكدت بالفعل امتثال إيران للقيود المفروضة على أنشطتها النووية 14 مرة”.
لكن تقول الصحيفة إن الخطوة الأخيرة للبيت الأبيض تجعل هذه المهمة أكثر صعوبة، فلقد حذر بيتر ويستماكوت، السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة، من أن إلغاء الإعفاءات من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، ويغضب شركاء الولايات المتحدة، ويضر بالاقتصاد التركي والإيراني، ويدعم يد الإيرانيين المتشددين.
قد تتخذ إيران وفقاً للصحيفة مقاربة أكثر حذراً، حيث قالت إيلي غدرانمايه، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لصحيفة “الإندبندنت” البريطانية: إن “إيران لن تقوم برد مبالغ فيه تجاه القرار الأمريكي الأخير”.
منتقدو إدارة ترامب جادلوا بأنها تريد دفع إيران إلى القتال، فقد أعرب آرون ديفيد ميلر، وريتشارد سوكولسكي، المسؤولان السابقان في وزارة الخارجية، عن أسفهما لمراهنة إدارة ترامب على نمط الإكراه والترهيب بدلاً من الاعتماد على الدبلوماسية.
ففي مقال مشترك لهما قالا: “إن فرض الحظر الشامل على صادرات إيران النفطية إذا نجح سيؤدي إلى مزيد من البؤس الاقتصادي للشعب الإيراني، ممَّا يدعم التصور أن الحكومة الأمريكية ليست عدوة للنظام الحاكم ولكن أيضاً للشعب الإيراني”.