قمة بلا مضمون
مقالات | 2 ابريل | مأرب برس :
بقلم / حميد دلهام
كعادتهم كل عام، يجتمع القادة العرب، لا ليناقشوا ويخرجوا بحلول لقضاياهم وأزماتهم المستفحلة، التي باتت حديث شؤون الساعة، وَأكثر وأعمق وأعقد الأزمات في أنحاء المعمورة، وإنما لاستعراض الكلمات والقدرات الخطابية، وَلاستعراض أبهة القاعات الحاضنة للاجتماع، وشكر الدولة المضيفة، على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وَحسن الإدارة ودقة التنظيم.
هكذا تعودنا منهم، وبلا مبالغة، فإن ذلك هو الانطباعُ الشعبي السائد، وموقف الشارع العربي، إزاء قمم قادته العربية التي بلغت الأخيرة منها دورة الانعقاد الثلاثين.
إننا أمام ثلاثة عقود من العمل العربي الفاشل والأداء الباهت والمخزي لما يسمى القمة العربية، ثلاثة عقود من التردي والانحطاط، ثلاثة عقود من التدهور والتراجع وَالتقهقر العربي، بل وبوتيرة أعلى كل عام، فكلما مر عام أضاف الى سوء الأوضاع سوءً جديداً، وترك بصمات تفسخ وَفشل وخيبة أمل أكثر من العام الذي سبقه.. وهكذا..
ذلك الفشل الذريع ليس إلا تحصيل حاصل، وانعكاس حقيقي لأوضاع وعلاقات أنظمة أولئك القادة البينية، وما يحمله كل نظام من ضغينة إزاء الآخر، فالقوم وإن اجتمعوا وضمهم ظلُّ سقف واحد، إلا أن قلوبهم شتى..
نفاقٌ لا يخفى مكانه، ولا يبقى حبيس القلوب والصدور وطي الكتمان، بل يظهر للعيان، بمجرد مرور ساعات على بداية انعقاد أولى جلسات القمة..
أليست قضية شعبنا الفلسطيني وَمأساة أهلنا هناك، وما يعانونه من وطأة الاحتلال الصهيوني، وكذلك مأساة اقصانا السليب المحتل والمدنس من قبل أحفاد القردة، أليست الحاضر الغائب في قاموس أولئك الرعاديد المتشدقون باسم العروبة، وأكثر القضايا التي يجري الحديث عنها في قممهم البائسة ؟ أليست كذلك ؟ والمحصلة والنتيجة ما هي.. ؟؟ المزيد من البيع الخيانة لتلك القضية، المزيد من التطبيع مع العدو، المزيد من التقارب والانفتاح عليه.. يقابل ذلك المزيد من التباعد من الشعب الفلسطيني وإدارة الظهر له والتخلي عنه والتخاذل والتقاعس عن نصرته.. المزيد من التخلي عن الأقصى والمقدسات، المزيد من التخاذل في عقيدة وساحة معركة استعادته..
أولئك الصغار الأقزام، لديهم ضعف وَوهن متجذر مترسخ في أعماقهم، على الرغم من امكاناتهم وقدراتهم الهائلة في شتى المجالات، البشرية والمادية والاعلامية والاقتصادية، وَحتى التسليحية،
لذلك فهم في نظر الآخرين خصوصاً العدو الصهيوني، يظلون أقزاما وصغارا، وَليسوا أهلاً لأن يلقى لهم بال، حتى أن أية قمة عربية لا تلقى من الاهتمام في دوائر العدو، حتى عشر معشار ما يلقاه وَيحظى به أي خطاب أو إطلالة لسيد المقاومة، المجاهد حسن نصر الله..
الدليل على ذلك ما يلمسه أدنى مراقب، من رعب وإرباك، وحالة استنفار، لدى دوائر ذلك العدو قبيل وأثناء وحتى بعد أي خطاب يلقيه سيد المقاومة.. وهو أمر لا يستطيع إنكاره أحد..
إذاً ليست العبرة بالكثرة وَلا بالقوة.. بل بقوة العزيمة وصلابة الموقف، ولا نامت أعين الحبناء..