4 أعوام من الحرب.. السعودية لا تزال غارقة في مستنقع اليمن
متابعات | 27 مارس | مأرب برس :
لا تزال حرب اليمن، المشتعلة منذ 4 أعوام، هي المستنقع الأعلى تكلفة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وتتكلف المملكة الغارقة في هذا مستنقع سمعتها قبل أموالها.
ولا يظهر الحوثيون سوى القليل من علامات الرغبة في إنهاء النزاع، بغض النظر عن مقدار البؤس الذي يجلبه للشعب اليمني.
وتنفر الحرب الكونغرس ووسائل الإعلام الأمريكية من القيادة السعودية، مع عواقب وخيمة محتملة على مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية على المدى الطويل.
وكانت السعودية قد تدخلت في الصراع بين الإدارة المنتخبة للرئيس “عبدربه منصور هادي” والحوثيين قبل 4 أعوام في مثل هذا الشهر، ولم يتغير وجه المعركة كثيرا في الأعوام الـ3 الأخيرة، بعد سيطرة التحالف بقيادة السعودية على معظم جنوب اليمن.
وعلى الرغم من الميزة الكبيرة في الجو، والمليارات التي يتم إنفاقها على الجيش، لم يتمكن السعوديون وحلفاؤهم من طرد المتمردين من معاقلهم في الشمال، أو التقدم إلى صنعاء، ويتم اتهام سلاح الجو الملكي السعودي بالقصف المتكرر لأهداف مدنية وارتكاب جرائم حرب.
وفي أجزاء من الجنوب، يتمتع السعوديون بسيطرة قوية إلى حد ما، كما هو الحال في محافظة المهرة على طول الحدود العمانية، حيث يشاع أن السعوديين يفكرون في بناء خط أنابيب للنفط إلى المحيط الهندي، وتم إرسال رجال الدين الوهابيين إلى المنطقة للتعليم الديني.
وفي مناطق أخرى، مثل “عدن”، اتخذ السعوديون مقعدا خلفيا وراء أبوظبي، التي بنت شبكة من الميليشيات المحلية أكثر ولاء للإمارة من “هادي”.
ويعاني “هادي” حالة صحية سيئة، ويقضي معظم وقته في الرياض، ولم يكن في الأساس يحظى بشعبية كبيرة في البلاد، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه غير فعال، وتمارس حكومة “هادي” تأثيرا ضئيلا على الأرض في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، تفاوضت الأمم المتحدة حول اتفاق في “ستوكهولم” لمحاولة تدشين عملية سلمية لتهدئة الحرب، انطلاقا من وقف إطلاق النار في ميناء “الحديدة” الشمالي.
ويعد الميناء هو المدخل الرئيسي لـ70% من المواد الغذائية والأدوية للبلاد، ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج 80% من سكان اليمن، البالغ عددهم 24 مليون نسمة، إلى المساعدة الإنسانية، و10 ملايين منهم على حافة المجاعة.
وبموجب اتفاق “ستوكهولم”، من المفترض أن يصاحب وقف إطلاق النار في “الحديدة” انسحاب الحوثيين من الميناء، لكن ظلت هوية من سيتولى المسؤولية هناك بعد انسحاب الحوثيين غامضة، ولا تزال الأمم المتحدة تضغط من أجل الانسحاب.
لكن الحوثيين لم يتزحزحوا، وتقول قيادتهم إن المتمردين لن يسلموا الموانئ لسيطرة التحالف، وبدلا من ذلك، كرر الحوثيون تهديدهم بمهاجمة الرياض وأبوظبي بالصواريخ.
وقد قدم الإيرانيون تكنولوجيا الصواريخ للحوثيين، وبالإضافة إلى الصواريخ بعيدة المدى، يطلق الحوثيون صواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون وطائرات بدون طيار عبر الحدود السعودية، وقالت الرياض هذا الأسبوع إن أكثر من 70 ألف قذيفة ضربت المملكة في الأعوام الـ4 الماضية.
ويصور الحوثيون أنفسهم على أنهم المدافعون عن الحقوق الوطنية اليمنية ضد التدخل الأجنبي بقيادة السعودية، العدو التقليدي، والذي استحوذ على أجزاء من الأراضي اليمنية منذ الثلاثينات، ولقد أثبت السعوديون قدرا كبيرا من انعدام الكفاءة في حروب الدعاية، كما هم في ساحة المعركة.
لكن السعوديين لديهم دعم أمريكي، على الأقل من إدارة “دونالد ترامب”، ودعم البيت الأبيض حرب السعوديين، وقائدها ولي العهد “محمد بن سلمان”.
وعلى الرغم من التقارير التي تفيد بأنه كان يستخدم فرقة اغتيالات لتصفية أعدائه لأعوام، بما في ذلك “جمال خاشقجي”، تقف إدارة “ترامب” وراءه بقوة، وتقدم له الإدارة دعما دبلوماسيا حاسما، والأهم من ذلك، الإمداد الحرج بقطع الغيار والذخيرة والتكنولوجيا للقوات الجوية السعودية.
لكن العلاقة الآن متوترة بين وسائل الإعلام الأمريكية والكثير من أعضاء الكونغرس من جهة، والمملكة وولي عهدها من جهة أخرى.
ومن بين أقسى نقاد السعودية، عضوات مجلس النواب المسلمات الجدد، “رشيدة طليب” و”إلهان عمر”، اللتان تعرضتا لهجوم حاد من قبل الإعلام السعودي، ووصفت “عمر” الحرب السعودية بأنها “جريمة ضد الإنسانية”، وقالت إنه يتعين على الولايات المتحدة التوقف عن التواطؤ في جرائم الحرب.
وسيقوم الكونغرس بتمرير تشريع يخفض الدعم الأمريكي للحرب السعودية، لكنه يفتقر إلى نسبة التصويت اللازمة لتجاوز الفيتو الرئاسي، ومع ذلك، تعني رمزية معارضة “الكابيتول هيل” للحرب الكثير، وينبغي أن تكون بمثابة دعوة للاستيقاظ في الرياض.
وكما ذكرت “المونيتور”، فإن المزيد من الديمقراطيين يعدون أيضا بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران إذا فازوا عام 2020، وسيكون ذلك ضربة كبيرة للسعوديين.
وكان ولي العهد قد جعل من معارضة سياسات إيران في المنطقة حجر الزاوية للسياسة الخارجية السعودية، بالتنسيق الوثيق مع إدارة “ترامب”.
ولقد سعى السعوديون تقليديا إلى ضمان دعم الحزبين لعلاقاتهم مع واشنطن، وتشجيع الصورة الودية للمملكة لدى وسائل الإعلام الأمريكية، وحتى في الأيام التي تلت 11 سبتمبر/أيلول، عمل السعوديون على الحفاظ على العلاقات مع كل من الديمقراطيين والجمهوريين.
وقد يكون المسار الحكيم هنا هو أن يضغط السعوديون من جانب واحد لإنهاء الحرب في اليمن وتخفيف الأزمة الإنسانية بسرعة.
ولا يستطيع ولي العهد إزالة وصمة العار الناجمة قتل “خاشقجي” بشكل كلي، لكنه يمكنه اتخاذ خطوات لإيقاف الحرب بشكل كبير، ومن شأن الوقف التام للغارات الجوية، أو حتى وقف إطلاق النار التام من جانب واحد دون شروط، أن يساعد في عزل الحوثيين وتخفيف الضغط في الكونغرس، وربما يبدأ في تغيير صورة المملكة، لكن ذلك ربما لن يساعد الإدارة الأمريكية الحالية.