قواعد الامارات العسكرية وسجونها السرية في القرن الافريقي
متابعات | 21 مارس | مأرب برس :
كشفت تقارير اخبارية عن أحد السجون السرية للإمارات في منطقة القرن الأفريقي التي تضم 4 دول هي جيبوتي وإريتريا والصومال وإثيوبيا في منطقة ساحلية بين ميناء ومطار عصب ضمن النطاق المستأجر بواسطة الإمارات في إريتريا.
القرن الإفريقي، تلك المنطقة الإستراتيجية الواقعة على رأس باب المندب والمنحصرة بين البحر الأحمر شمالاً والمحيط الهندي جنوبًا، على شواطئه تشتعل حربًا باردة للاستحواذ على موانئه، حرب باتت جلية في السنتين الأخيرتين، ومع اندلاع الأزمة الخليجية عام 2017، في سبيل السيطرة على خطوط الملاحة العالمية تسارع الدول إلى حجز مواقع لها على الخارطة الجيوسياسية في الإقليم.
وأوضحت صور أقمار صناعية ان المنطقة التي استحوذت عليها الإمارات منذ عام 2015 في ميناء عصب لم تخضع لأي أعمال تطوير أو إنشاءات لتطوير الميناء العسكري، بل تحولت لثكنة عسكرية إماراتية تنطلق منها طائراتها ضمن عمليات التحالف السعودي الإماراتي في اليمن.
ولم ترصد الصور الملتقطة مؤخرًا أي وجود لحاويات أو سفن تجارية ، وبدلاً من ذلك كانت هناك 13 سفينة، 11 سفينة عسكرية واثنتان للنقل الحربي.
يُضاف إلى ذلك وجود سجن سري يقع على السواحل الإريترية ضمن النطاق المستأجر من قِبل الإمارات، وأكد فريق تحليل صور الأقمار الصناعية وجود السجن في منطقة ساحلية بين مطار وميناء عصب، تبلغ مساحته 417 ألف متر مربع، ويضم غرفًا تحت الأرض، وهو ما يعني احتمال استخدام السجن في عمليات الإخفاء القسري المتهمة بها الإمارات من قبل المنظمات الدولية، خاصة مع وجود تقارير حقوقية تستند إلى شهادات لأهالي الضحايا عن ترحيل معتقلين يمنيين على سجون خارج اليمن.
ربما يكشف ذلك أيضًا الأهداف الحقيقية وراء سعي الإمارات إلى توسيع نفوذها في منطقة باب المندب، وهي إحدى أهم ممرات النقل البحري الرابط بين أوروبا والبحر المتوسط والمحيط الهندي وشرقي إفريقيا، كما يعتبر من أبرز الأسباب التي وضعت اليمن في مكانة استراتيجية مهمة من خلال السيطرة على الممر.
وسبق أن كشفت وكالة “أسوشيتد برس” في تحقيق صحفي لها عن وجود 18 سجنا سريا تديرها الإمارات وحلفاؤها جنوبي اليمن، وذكرت أن ما يقرب من 2000 يمني اختفوا في تلك السجون حيث كانت أساليب التعذيب القاسية هي القاعدة الرئيسة.
وتداولت منظمات ووسائل إعلام على نحو واسع معلومات حول انتهاكات في السجون السرية في الجنوب اليمني، وتقول أيضا إنها تخضع لـ”إجراءات أمنية تمنع أهالي المعتقلين من زيارة أبنائهم، وتكتم كبير من الأجهزة الأمنية في عدن حول أعداد المسجونين وأماكن احتجازهم”.
وبحسب المعلومات التي أوردتها الوكالة، فإن هذه السجون كانت تشهد حالات تعذيب وحشية تصل إلى حد “شواء” السجين على النار، إضافة إلى اعتداءات جنسية. ونقلت عن محتجز سابق، اعتقل ستة أشهر في مطار ريان، صرخات المعتقلين وأجواء الخوف، فضلا عن إصابتهم بالأمراض، مشيرة إلى أن أي شخص كان يشكو يؤخذ إلى غرفة التعذيب.
وأقر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) بأن واشنطن شاركت في استجواب محتجزين في هذه المعتقلات السرية، التي تشرف عليها قوات يمنية وإماراتية، وبأنها تستطيع الوصول بشكل دائم إليها، وهو ما قد يشكل انتهاكا للقانون الدولي.
على الرغم من أن الخارطة العسكرية في اليمن ليست ثابتة أو محسومة، فإن استماتة الإمارات لبسط نفوذها على باقي المدن اليمينة المطلة على البحر الأحمر باتت حقيقة لا تقبل الشك، فاهي تبسط سيطرتها على أغلب موانئ اليمن التجارية والنفطية في محاولة منها لتوسيع نفوذها على ضفتي مضيق باب المندب دون وجود أي منافس لها.
ويؤكد التحقيق أن محاولة الإمارات السيطرة على خريطة البحر الأحمر أصبحت حقيقية، لافتاً إلى أن الإمارات تعمل على السيطرة على جميع المدن اليمنية المطلة على البحر الأحمر، كما أنها اتجهت إلى الصومال، وعقدت اتفاقيات اعتبرتها الحكومة الصومالية صفقات غير شرعية.
ويكشف سباق القواعد العسكرية في القرن الإفريقي كيف أصبحت صفقات الموانئ التجارية مجرد مدخل لبناء تلك القواعد، فإلى جانب القواعد الأجنبية في جيبوتي وقواعد الإمارات في كل من إريتريا وإقليم أرض الصومال الانفصالي، باتت دول أخرى في الطريق، وهو ما أكسب موانئ القرن الإفريقي أبعادًا أمنية، ليس فقط لموقعها الإستراتيجي بين طرق التجارة البحرية، ولكن لقربها أيضًا من الصراعات الإقليمية.
و كان العدوان على اليمن بالنسبة إلى الإمارات فرصة إستراتيجية لا تُقدّر بثمن، ليس لـ”استعادة حكومة الرئيس الهارب عبد ربه منصور هادي وغيرها من الأسباب المعلنة والدعائية”، ولكن لتحقيق طموحها الإستراتيجي في تأمين قوس للنفوذ يمتد من جنوب الخليج الفارسي إلى البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
لذا فإن الإمارات عملت خلال الأعوام الأربعة الماضية على تكديس هذه المضايق والخلجان داخل القوس بالعديد من القواعد والمنشآت العسكرية، بداية من عدن وسقطرى وميون في اليمن، ومرورا بعصب في إريتريا، وليس انتهاء ببربرة وبوصاصو في الصومال.
ويسهل الوجود العسكري المكثف في هذه المنطقة على الإمارات ممارسة دور كصانع للملوك في حزام من الدول الهشة والأنظمة السياسية غير المستقرة، وهي دول تعتبرها الإمارات اليوم نفوذا هاما لها، خاصة في ظل السباق الجيوسياسي المعقد الذي تتنافس فيه أبوظبي مع مجموعة من اللاعبين الإقليميين، وعلى رأسهم تركيا التي تمتلك بدورها طموحها ونموذج أعمالها الخاص في المنطقة القائم على التنمية الاقتصادية والخدمات الاجتماعية، وهو نموذج أثبت نجاحه في الفوز بالقلوب والعقول ما مكّن أنقرة من تطويره إلى شكل من أشكال القوة الخشنة المقبولة عبر افتتاح قاعدة عسكرية في الصومال.