بين أوسلو ووارسو تكمن الحقيقة.. تطبيعٌ مكتمل الأركان
مقالات | 24 فبراير | مأرب برس :
بقلم / سارة المقطري :
ثمانيةُ وعشرون عاماً كانت كافيةً؛ كي يعلنَ العربُ هزيمتَهم الجديدة أمام مَن يدّعون أَو كانوا يدّعون أنه قضم قضيتَهم الأم، فبين أوسلو التي اعترف فيها العرب بذاك الكيان الغاصب وزرعوه في خاصرة وطننا العربي حتى أتى وارسو 2019 ليعلنَ طعنةً جديدةً في قلب عروبتنا وقضيتنا الأُم ويتم الإعلانُ علانيةً عن هيمنة هذا الكيان على المنطقة العربية، لا ننكر وجود اختلافات جوهرية بين أوسلو ووارسو:
أوسلو كان لزرع الكيان الصهيوني، أَمَّـا وارسو فعنوانُه العريضُ شطبُ عدو إسرائيل في المنطقة.
أوسلو كان بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أَمَّـا وارسو فبين العرب أجمع والكيان الصهيوني.
كانت إسرائيل تهدّد أمن المنطقة وأصبحت هي مَن تحفظ أمن المنطقة.
أوسلو سُمِّيَ حينها باتّفاق سلام، أَمَّـا وارسو فنسمّيه اتّفاق تطبيع مكتمل الأركان.
الاختلافُ الأكبر أن أوسلو كان مصافحةً بين الرئيس ياسر عرفات حينها وعلى مضض وإسحاق رابين يتوسَّطُهما بيل كلينتون، أَمَّـا وارسو فضم خمسَ وزراء خارجية عرب كانوا (بدي جارد) لنتنياهو وتباروا؛ كي يكونوا أوفى صديقٍ لإسرائيل، وكان نتنياهو الزعيم والجميع يتمسح فيه، وأبرزهم ذاك اليماني الذي يمثّل (شرعية) يمنية مزعومة.
وكما لا تمثل حكومتَه اليمنيين فهو أَيْــضاً لا يمثل اليمن السعيد والعزيز، وادّعاؤه وجلوسه عن يمن وشمال (العدوين) أنه عشوائي ليس إلّا كذب وادّعاء، فالطاولة التي جلس عليها كانت مليئةً بالرسائل المباشرة وغير المباشرة نذكر منها:
الرسالة الأمريكية: تعيش الإدارةُ الأمريكيةُ اليوم حالةً من التخبط؛ نتيجةَ بعض المواقف التي يتخذها الكونجرس ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولا تتوافق مع سياسته، خَاصَّــة تجاه أنصار الله أَو المِـلَـفّ اليمني وتحَـرّكات المبعوث الأممي في مِـلَـفّ اليمن ومع أنصار الله تحديداً، وهو بذلك يقول: إن أردتم حلاً مع أنصار الله فنحن سنقفُ في الجهة المقابل مع ما تسمى شرعية وسنحرّكها علانيةً باتّجاه مصالحنا بعيداً عن أية مصلحة لليمن واليمنيين.
رسالة خليجية: لسنا نحن فقط من يطبّع مع الكيان الصهيوني، حتى اليمنُ تلك الدولة التي لطالما عُرِفَ شعبُها بتنظيم المظاهرات المناوئة للمحتلّ، والتي يرفع شعبها شعار القضية الفلسطينية، باتت اليوم تطبّع بشكل أَو بآخر عن طريق شرعيتها التي نملك قرارها ونسيطر عليه، وبذا يكون الخليج وتحديداً السعوديّة والبحرين والإمارات قد أبعدوا التهمة عنهم ولو لفترة وجيزة، وحوّلوا أنظار العالم باتّجاه آخر، خَاصَّــة أن السعوديّةَ لم تعد تحتمل الكثيرَ بعد فضيحة خاشقجي وليس لديها سوى اليمن التي لطالما اعتبرتها الحديقةَ الخلفية لسياساتها.
رسالة صهيونية: عرّاب صفقة القرن كوشنر كان يجلس على بعد ثلاثة مقاعد من اليماني ونتنياهو عن يمينه مباشرة، وهي بذلك رسالة أن فلسطين بيعت كما بيعت اليمن المشتري واحد ولكن السمسار مختلف.
هنا نقول:
احتشادُ اليمنيين في شوارع صنعاء والمحافظات أعظم رد عن كُــلّ تلك الرسائل ورسالة أَيْــضاً لليماني الذي لمَ يكن سوى أدَاة ودُمية في مسرحية هزلية خطط لها الأمريكي مع الصهيوني.
سقوطُ اليماني ومِن خلفه حكومة هادي لن يستطيعوا النهوضَ منها هذه المرة، خَاصَّــةً في ذهن مَن تبقى لهم من حاضنة شعبية.
مصالحُ الكيان الصهيوني باتت تتزايدُ ومحاولاتُ شطب عدو هذا الكيان وإزاحة الحقيقة الأزلية بأن هذا الكيان هو العدوّ الحقيقي لن يُنسيَ الشعوبَ العربيةَ حقيقةَ هذا الكيان واغتصابه لأراضنا المحتلّة والشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا ويسقطون ليست دماءُ اليمنيين أطهرَ من دمائهم، بل ستكون لعنةً على كُــلّ خائن وعميل في المنطقة..
والأيامُ بيننا..
* رأي اليوم