لمـاذا تمنـع السعوديـة التنقيـب عـن النفـط اليمنـي؟
متابعات | 13 يناير | مأرب برس :
بين فترة وأخرى تتعالى أصوات شعبية ورسمية في اليمن تقول صراحةً إن “السعودية تقف وراء عدم الاستكشاف والتنقيب عن الثروة النفطية في بعض المناطق اليمنية”، بل إنها تذهب إلى أن “المملكة أجبرت الدولة اليمنية على عدم الإنتاج من مناطق أكدت عمليات استكشاف أنها تحتوي على نفط” كما في محافظة الجوف الواقعة شرق البلاد والمتاخمة للحدود السعودية.
ما يعزز هذه الاتهامات هو التوقف المفاجئ لعمليات التنقيب عبر شركة “هنت” الأمريكية في محافظة الجوف في ثمانينيات القرن الماضي، وتشير الروايات إلى أن زعامات قبلية موالية للسعودية وقفت خلف منع عمليات التنقيب قبل أن تعود في العام 2013 بتوجيه من الرئيس عبد ربه منصور هادي بإعادة عمليات الاستكشاف والتنقيب والتي استهدفت حفر أربع آبار في منطقة الخسف بالجوف فيما يعرف بالقطاع 18؛ لكنه واجه تصعيداً سعودياً عبر ملف ترحيل المغتربين اليمنيين وما يزيد الأمر غموضاً عدم إعلان الشركة عن نتائج أعمالها التي توقفت دون إيضاح.
ليكشف تصريح حكومي يمني في ديسمبر 2013 عن ممارسات سعودية لمنع التنقيب عن النفط في المناطق الحدودية معها، وفقاً لما نقله موقع الخبر اليمني عن وزير الإدارة المحلية حينذاك علي محمد اليزيدي الذي تحدث أمام وفد من حضرموت.
تنصل سعودي
ووقعت السعودية واليمن عام 2000 في مدينة جدة اتفاقية تقضي بألا يتم التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما في منطقة تبعد 40 كيلومتراً عن الحدود إلا بموافقة كلا الجانبين اليمني والسعودي.
الاتفاقية التي نصت على تبادل المعلومات حول الثروات النفطية في المناطق الحدودية لم تلتزم بها السعودية حيث كشفت صحيفة الشارع اليمنية في فبراير من العام 2014، عن رسالة من وزير النفط اليمني الأسبق رشيد بارباع إلى رئيس الوزراء اليمني آنذاك أكّد فيها أن الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، قال إنه سيوجه وزارة النفط في السعودية بتزويد اليمن بالمعلومات بشأن النفط والمعادن الموجودة في الأراضي الحدودية بموجب “اتفاقية جدة” لترسيم الحدود، إلا أن الأمر لم يتم ولم تفي السعودية بتعهداتها في هذا الشأن.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة السعودية تجاهلت رسائل الحكومة اليمنية بهذا الشأن، وعندما أرسل اليمن وفداً إلى السعودية أبقوه في الفندق وعاد بدون أن يحصل على أي معلومات.
تأكيدٌ يمني
من جهته أكدَ دبلوماسي يمني برتبة سفيرٍ عمل سابقاً ضمن البعثة الدبلوماسية اليمنية في حديثه لـ “الخليج أونلاين” أن السعودية تقف حول منع التنقيب ليس فقط في محافظة الجوف بل والحديدة.
السفير الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه قال: إن “المملكة استغلت ضعف إمكانيات الحكومة اليمنية والتي لا تستطيع تحمل النفقات الضخمة لعمليات التنقيب والاستكشاف كما أنها كانت تعرقل أي محاولة اتفاق مع شركات أجنبية أخرى”.
وفي المقابل يرى خبير نفطي يمني تحدث لـ “الخليج أونلاين” أن الاتهامات اليمنية الموجهة للسعودية تفتقد لمبررات منطقية فهو يرى أنه لا وجود لأي مجال للمنافسة من ناحية ولعدم ثبوت وجود خلافات حول السيادة على مناطق واعدة.
إمكانيات محدودة
ولا يتجاوز الإنتاج النفطي اليمني 500 ألف برميل وفقاً لما هو معلن من مناطق مأرب وشبوة وحضرموت في مقابل 12 مليون برميل تنتجه السعودية كأوَل منتج للنفط في العالم فضلاً عن احتياطيها الضخم.
واعتبر الخبير الذي رفض الكشف عن هويته أن إمكانيات اليمن النفطية في حدود ما تم من اكتشافات حتى الآن متواضعة جداً.
وأضاف “المناطق الواعدة لا أظنها بذلك الحجم الذي يتداوله الإعلام ولا نتوقع أن تنافس اليمن أصغر جيرانها في الثروات النفطية طبعاً هذا في المدى المنظور مالم يتم اكتشاف غير متوقع”.
وعن مبرر إمكانية تأثر الآبار ببعضها لو كانت متجاورة أو قريبة من بعضها أوضح الخبير اليمني أن “النفط يتواجد في حقول تكون بأحجام ومساحات مختلفة من صغيرة إلى عملاقة، وبعض الحقول تتكون من مكامن وربما مستويات إنتاجية متعددة وأحياناً من مكمن واحد”.
ولفت إلى أنه “فقط الآبار التي تنتج من نفس المكمن ومن نفس النطاق تؤثر في بعضها البعض وإذا تمت عمليات الحفر التطويري وفق دراسات علمية دقيقة ينتج كل بئر من المساحة والحجم المستهدف بحفر البئر دون أن يتعداها إلى المساحة والحجم المستهدف لأي بئر مجاور”.
وتابع “أحياناً تكون المكامن والنطاقات متصلة ببعضها بشكل ما ولدرجة ما وبالتالي تتأثر فيما بينها. طبعاً هذه بصورة مبسطة لأن هناك تعقيدات وتشعبات وفق حالات متعددة”.
نوايا سيئة
أمَا المتخصص في الشأن الاقتصادي اليمني هشام البكيري، فقد قال: إن “القطاع النفطي في اليمن ما يزال بكراً وواعداً، مشيراً إلى أن هناك تقارير لمؤسسات غربية تتوقع وجود كميات نفطية كبيرة في باطن الأراضي اليمنية إلا أن ضعف سلطة الدولة و مؤسساتها العسكرية و الأمنية و الاقتصادية من أكبر العوائق التي تمنع الاستكشافات النفطية”.
وفي حديثه لـ “الخليج أونلاين” لم يستبعد البكيري أن “تقوم السعودية بهذه الممارسات فلديها سوء نوايا تجاه اليمن. منذ قيام الثورة اليمنية في فجر 26 سبتمبر 1962 والمملكة تتدخل بكل ثقلها في تشكيل البنية السياسية والعسكرية والاقتصادية للدولة اليمنية وتعيد تشكيل مراكز نفوذ التركيبة الاجتماعية اليمنية بما يخدم إبقاء الدولة اليمنية في إطار نفوذها”.
وأوضح أن القطاع النفطي من أهم ركائز الاقتصاد اليمني، فهو يغطي أكثر من ثلثي الميزانية العامة رغم محدودية الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، “فأي إجراءات تتخذها السعودية لمنع اليمن من التنقيب والاستكشافات النفطية في الجوف يعمل على إبقاء الأوضاع الاقتصادية لليمنيين متدهورة، وتحت رحمة سياساتها الخاطئة لجعل اليمن بؤرة فقر واحتراب يستنزف مقومات الدولة و طاقة اليمنيين للحيلولة دون بناء دولة قوية”.
وبحسب البكيري، فإن السياسة السعودية في حرمان اليمنيين من نفطهم مستمرة إلى اليوم فالتحالف الذي تقوده المملكة لدعم الشرعية لم يسمح للحكومة اليمنية بإعادة إنتاج النفط وتصديره كما كان قبل انقلاب الحوثيين فيما ساهم عدم تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة في عدم عودة الشركات النفطية الأجنبية المستثمرة في قطاعات النفط وهو ما يحرم الحكومة من استغلال عوائده في تنشيط الوضع الاقتصادي وإيقاف تدهور العملة وتحسين الحالة المعيشية للمواطن اليمني.
(الخليج أونلاين)