حروب الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الهيمنة العالمية
متابعات | 11 يناير | مأرب برس :
شرعت الإدارات الأمريكية السابقة، وتحديداً إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، في مغامرات عسكرية هددت مستقبل البشرية، وهي المرحلة الأكثر خطورة في التاريخ الحديث، فالحرب على أفغانستان والعراق جزء من أجندة عسكرية أوسع نطاقاً، تم إطلاقها في نهاية الحرب الباردة.
والسؤال: هل لا تزال الإدارات الأمريكية ماضية في تحقيق أجندتها في منطقة الشرق الأوسط.. وما الذي تبتغيه من وراء تلك الأجندة؟
إن أجندة الحرب الأمريكية على بعض الدول لا تزال قائمة وهي، كما أشار ميشيل شوسودوفسكي في موقع «إنفورميشن كليرينغ هاوس» استمرار لحرب الخليج عام 1991 وحلف الـ«ناتو» على يوغوسلافيا 1991-2001 وذلك في مقال حمل عنوان «حروب الولايات المتحدة من أجل الهيمنة» جاء فيه:
تميزت فترة ما بعد الحرب الباردة بالعديد من العمليات الاستخباراتية السرية الأمريكية داخل الاتحاد السوفييتي، التي كانت مفيدة في إثارة الحروب الأهلية في العديد من الجمهوريات السابقة، بما فيها الشيشان (داخل الاتحاد الروسي) وجورجيا وأذربيجان، حيث تم إطلاق العمليات السرية بهدف تأمين السيطرة الاستراتيجية على ممرات أنابيب النفط والغاز.
العمليات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية في حقبة ما بعد الحرب الباردة– وحدثت بالتزامن مع «إصلاحات السوق الحرة» التي تم فرضها بموجب توجيهات صندوق النقد الدولي في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي السابق والبلقان– أدّت إلى زعزعة استقرار الاقتصادات الوطنية وإفقار ملايين الناس.
ومكنت برامج الخصخصة– التي رعاها البنك الدولي في هذه البلدان– مكنت رأس المال الغربي من السيطرة على حصة كبيرة من اقتصاد البلدان الشرقية السابقة، على أساس الاندماجات الاستراتيجية أو الاستحواذ على صناعة النفط والغاز السوفييتية السابقة من قبل التكتلات الغربية القوية، من خلال التلاعب المالي والممارسات السياسية الفاسدة.
بعبارة أخرى، ما هو على المحك في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة هو إعادة استعمار منطقة شاسعة تمتد من البلقان إلى آسيا الوسطى.
إن نشر آلة الحرب الأمريكية يهدف إلى توسيع دائرة النفوذ الاقتصادي الأمريكية، ومن أجل ذلك أقامت الولايات المتحدة وجوداً عسكرياً دائماً، ليس فقط في العراق وأفغانستان، بل إنها تمتلك قواعد عسكرية في العديد من الجمهوريات السوفييتية السابقة على الحدود الغربية للصين.. في المقابل كان هناك حشد عسكري في بحر الصين الجنوبي منذ عام 1999.
ويتابع شوسودوفسكي: في أجندة الولايات المتحدة، الحرب والعولمة تسيران جنباً إلى جنب، فالعسكرة تدعم الاستيلاء على حدود اقتصادية جديدة، وفرض نظام «السوق الحر» على مستوى العالم.. لقد تم التخطيط للأجندة العسكرية الأمريكية من أجل السيطرة على العالم على مراحل، وكانت المرحلة التالية للحرب هي سورية، حيث حددت إدارة بوش بالفعل سورية على أنها المرحلة التالية من «خريطة الطريق إلى الحرب» وتنفيذ الأجندة المخطط لها منذ سنوات طويلة، وكان القصد من قصف «قواعد الإرهاب» المفترضة في سورية من قبل سلاح الجو «الإسرائيلي» في تشرين الأول تقديم مسوغ لتدخلات عسكرية وقائية لاحقة، كما أن آرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي ارتبط اسمه بكل الحروب التي اندلعت بين العرب و«إسرائيل» بدءاً من عام 1948 حتى عام 1982، قد شن الهجمات بموافقة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد.
ينظر البنتاغون إلى «السيطرة الإقليمية» على سورية على أنها استراتيجية من وجهة نظر عسكرية واقتصادية.. كما أن هذا التوسيع في مسرح الحرب يتمشى مع خطة شارون لبناء «إسرائيل الكبرى» على أنقاض الدولة الفلسطينية، وفي الوقت الذي تسعى فيه «إسرائيل» إلى توسيع نطاقها الإقليمي يتم سجن الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، خلف «جدار الفصل العنصري».
بالتزامن، شدّد الكونغرس العقوبات الاقتصادية على ليبيا وإيران، وفي تلك الفترة أيضاً أشارت واشنطن إلى الحاجة الملحة إلى تغيير بعض«الأنظمة» العربية التي تشكل عقبة في طريق تنفيذ أجندتها في الشرق الأوسط، حتى وإن امتدت الحرب في سبيل تحقيق تلك الأجندة إلى مناطق أوسع من شرق البحر المتوسط إلى شبه القارة الهندية والحدود الصينية.
الحرب «الاستباقية» للأسلحة النووية
لدى الولايات المتحدة وبريطانيا و«إسرائيل» سياسة منسقة للأسلحة النووية، الرؤوس النووية الإسرائيلية موجهة إلى المدن الرئيسة والمهمة في الشرق الأوسط، وسبق أن أعلنت حكومات كل من (الولايات المتحدة وبريطانيا و«إسرائيل») عن استعدادها لاستخدام الأسلحة النووية، مع العلم أن «إسرائيل» هي القوة النووية الخامسة في العالم وترسانتها النووية أكثر تقدماً من الترسانة النووية التي تمتلكها بريطانيا نفسها.
واللافت أنه، وبعد أسابيع قليلة فقط من دخول قوات المارينز إلى بغداد، أعطت لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي الضوء الأخضر للبنتاغون لتطوير قنبلة نووية تكتيكية جديدة، لاستخدامها في مسارح الحرب التقليدية، مع قدرة تدميرية تصل إلى ستة أضعاف قوة قنبلة هيروشيما».
في الأثناء، أطلق البنتاغون حملة دعائية رئيسة وعلاقات عامة بهدف دعم استخدام الأسلحة النووية من أجل «الدفاع عن الوطن الأمريكي»، ووافق الكونغرس الأمريكي بالكامل على أن الأسلحة النووية الصغيرة تعد «آمنة للمدنيين».. وكان من المقرر آنذاك استخدام هذا الجيل الجديد من الأسلحة النووية في المرحلة التالية من حروب الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وآسيا الصغرى إلى جانب الأسلحة التقليدية.
وفي كانون الأول من عام 2003، خصص الكونغرس 6.3 مليارات دولار فقط لعام 2004 لتطوير هذا الجيل الجديد من الأسلحة النووية «الدفاعية».
ويضيف شوسودوفسكي: في حين لا يوجد دليل ثابت على استخدام الأسلحة النووية الصغيرة في مسارح الحرب العراقية والأفغانية، تؤكد الاختبارات التي أجراها مركز أبحاث طب الأورانيوم في كندا أن الإشعاع السام المسجل، في أفغانستان على سبيل المثال، لا يمكن أن يُعزى إلى اليورانيوم المنضب ذي «المعادن الثقيلة» ولكن إلى نوع آخر غير معروف من التلوث باليورانيوم.
لقد كانت الحرب على العراق في مراحل التخطيط منذ منتصف التسعينيات على الأقل، وقد نصت وثيقة الأمن القومي لعام 1995 لإدارة كلينتون بوضوح تام على أن هدف الحرب هو النفط من أجل تأمين وصوله وحمايته من الانقطاع.
في أيلول 2000 قبل بضعة أشهر من انضمام جورج دبليو بوش إلى البيت الأبيض، نشر مشروع القرن الأمريكي الجديد، مخططه للسيطرة العالمية تحت عنوان «إعادة بناء الدفاعات الأمريكية».
كان مشروع القرن الأمريكي الجديد مؤسسة فكرية للمحافظين الجدد في واشنطن، ركز على السياسة الخارجية، وتم تأسيسه 1997 من قبل وليام كريستول وروبرت كاغان كمنظمة تعليمية غير ربحية.
هذه المنظمة مرتبطة بمؤسسة الدفاع- الاستخبارات، والحزب الجمهوري، والمجلس القومي للعلاقات الخارجية الذي يلعب دوراً خلف الكواليس في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية.. والهدف من تلك المؤسسة هو باختصار: «قاتل وحقق الفوز بشكل حاسم في حروب متزامنة ومتعددة المسارح».
والأهم أن هذه المنظمة تحدد خريطة طريق للغزو، إنها تدعو إلى فرض «القواعد العسكرية الأمريكية المباشرة» في جميع أنحاء العالم، وتحديداً آسيا الوسطى والشرق الأوسط بهدف ضمان الهيمنة الاقتصادية وخنق أي «منافس» محتمل.
يرسم مخطط تلك المنظمة إطاراً ثابتاً للدعاية الحربية، وقبل عام واحد من 11 أيلول، أشار المركز الوطني للشرق الأوسط إلى «بعض الأحداث الكارثية والمحفزة، مثل بيرل هاربر الجديد، التي من شأنها أن تعمل على تحفيز الرأي العام الأمريكي لدعم أجندة الحرب.
يبدو أن مهندسي تلك المنظمة التي ترسم السياسة الخارجية قد توقعوا بدقة متناهية ما سيحدث.. واستخدام هجمات 11 من أيلول لم تكن إلا حجة لشن الحروب، بالنظر إلى بيان دايفيد روكفلر لمجلس الأعمال التابع للأمم المتحدة في عام 1994 جاء فيه: «نحن على شفا التحول العالمي، كل ما نحتاجه هو الأزمة الرئيسة الصحيحة وستقبل الأمم النظام العالمي الجديد».
وفي السياق ذاته، كتب زبغنيو بريجنسكي في كتابه رقعة الشطرنج: قد تجد صعوبة أكبر في التوصل إلى توافق في الآراء (في أمريكا) حول قضايا السياسة الخارجية، إلا في ظروف التهديد الخارجي المباشر على نطاق واسع.
بريجنسكي، الذي كان مستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر، هو أحد المهندسين الرئيسين لشبكة «القاعدة» التي أنشأتها وكالة المخابرات المركزية بمواجهة السوفييت 1979-1989.
يحدد سيناتور أمريكي لم يرد اسمه الطريقة الدقيقة التي تتم بموجبها إقامة القواعد العسكرية الأمريكية، وعن ذلك يقول: إن حدثاً إرهابياً ضخماً سيحدث في مكان ما في العالم الغربي، قد يكون في الولايات المتحدة، ما يجعل سكاننا يشككون في دستورنا ويبدؤون في عسكرة بلدنا من أجل تجنب أي عمل إرهابي تنتج عنه إصابات خطرة بين المدنيين.
يشير هذا التصريح من شخص شارك بنشاط في التخطيط العسكري والاستخباراتي على أعلى المستويات، إلى أن «عسكرة الولايات» هي افتراض عملي مستمر، إنه جزء من «إجماع واشنطن» الأوسع، وهو يحدد «خريطة الطريق» التي وضعتها إدارة بوش في الحرب والدفاع عن الوطن، وغني عن القول، إنها أيضاً جزء لا يتجزأ من الأجندة النيوليبرالية.
ويرى السيناتور أن الحدث الإرهابي الذي ذكر سابقاً يعد نقطة تحول سياسية حاسمة، حيث تهدف الأزمة والاضطرابات الاجتماعية إلى تسهيل حدوث تحول كبير في الهياكل السياسية والاجتماعية والمؤسسية الأمريكية، كما يعكس بوضوح إجماعاً داخل الجيش الأمريكي على الكيفية التي يجب أن تتكشف بها الأحداث وأن «الحرب على الإرهاب» هي تقديم مسوغ لإلغاء حكم القانون في نهاية المطاف بحجة «الحفاظ على الحريات المدنية».
في العديد من الأمور، فإن عسكرة مؤسسات الدولة المدنية في الولايات المتحدة تعمل بالفعل تحت واجهة ديمقراطية مزيفة.
موقع «ذا إنفورميشن كليرينغ هاوس»