اليمنيون يدخلون 2019 بالحرب والمجاعة والأوبئة
متابعات | 1 يناير | مأرب برس :
الحرب والمجاعة والأوبئة والنزوح والانهيار الاقتصادي، عناوين باتت تقترن باسم اليمن، وترحل معه إلى العام الجديد 2019.
كما تتصدر معاناة اليمنيين تقارير منظمات الأمم المتحدة وعناوين وسائل الإعلام الدولية، مع دخول البلاد العام الخامس من الحرب التي تدور رحاها بين التحالف السعودي الإماراتي والحوثيين.
وفي ظل الدعوات المتلاحقة لإيقاف النزاع ومحاولات التهدئة في مدينة الحديدة التي يمثل ميناؤها شريان الحياة للبلاد، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك عن الحاجة لتوفير أربعة مليارات دولار أمريكي خلال 2019، من أجل توفير المساعدات الإنسانية والتخفيف من معاناة اليمنيين الذين تقتلهم المجاعة إلى جانب الحرب والأوبئة التي تفتك بهم.
خوف وأمل
تصف حنان البدوي مسؤولة الإعلام والاتصال بمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، العام المنصرم 2018 بـ”الفترة السيئة على اليمنيين وما لحق بهم من معاناة إنسانية”.
لكنها قالت -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- إن هناك أملا بالانفراج خلال العام الجديد 2019 “في حال تم تنفيذ اتفاق السويد، وخصوصا ما يتعلق باتفاق الحديدة ومينائها الذي يعد الشريان الرئيسي لنقل المساعدات وكذلك واردات الغذاء إلى عموم اليمن”.
والأمر ذاته كان قد أكد عليه المبعوث الخاص لليمن مارتن غريفيث، حيث قال إنه يأمل في أن يكون 2018 “آخر سنوات الصراع”، ووصف حال اليمنيين فيه بـ”المروعة”.
لكن هذا التفاؤل لا ينعكس على توقعات مراقبين ومحللين يعتقدون أن المستقبل لا يزال قاتما أمام اليمنيين، ورأى هؤلاء -في تصريحات للجزيرة نت- أن هنالك الكثير من العقبات التي لا تزال تواجه اليمنيين، من أجل استعادة دولتهم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإنهاء المعاناة الإنسانية التي ترحل معهم للعام الخامس على التوالي.
24 مليون جائع
وفي ذات الوقت الذي تشير فيه توقعات الأمم المتحدة إلى ارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات إنسانية خلال 2019 لتصل إلى نحو 24 مليون يمني يشكلون نحو 75% من عدد السكان، يحذر برنامج الأغذية العالمي من خطر تحول اليمن إلى بلد “للأشباح الحية” خلال الفترة القادمة في حال لم يتوقف القتال الدائر منذ أربعة أعوام.
ولعل أبرز الأسباب التي تثير مخاوف اليمنيين من استمرار أزماتهم الإنسانية خلال العام الجديد وفقا لتقارير دولية، هو استمرار الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي الإماراتي على البلاد، واتخاذه تدابير متشددة فيما يتعلق باستيراد السلع الأساسية وتحكمه بالمنافذ الحيوية للبلاد كالموانئ وحتى المطارات، إضافة لانقطاع مرتبات ما يقرب من مليون موظف يمني وهو ما يهدد بمفاقمة الأعباء عليهم ويدفعهم إلى بئر الفقر.
وبناء على معطيات الأمم المتحدة وأرقامها حتى نهاية 2018، فإن نصف سكان اليمن -حوالي 14 مليونا- لا يزالون يواجهون خطر المجاعة، كما أن هناك ثمانية ملايين لا يعرفون من أين يمكنهم الحصول على وجبتهم التالية، فيما بات ثلاثة أرباع السكان -أكثر من 22 مليونا- بحاجة للمساعدات الإنسانية، من بينهم أكثر من 11 مليونا يصنفون باعتبارهم في “حاجة ماسة” للمساعدة للبقاء على قيد الحياة.
يأكلون أوراق الشجر
وليست المجاعة وحدها ما يهدد حياة اليمنيين الذين كشفت تقارير دولية أن أعدادا منهم باتت تأكل أوراق الشجر، حيث تضاعفت أعداد المصابين بالأمراض والأوبئة يوما بعد آخر نتيجة استمرار الحرب وارتفاع أعداد النازحين الذين يقدرون بأكثر من ثلاثة مليين يمني مع الدخول إلى عام 2019.
وشهد العام المنصرم انتشارا كبيرا للكوليرا في اليمن صنف باعتباره الأسوأ في التاريخ، إضافة إلى الدفتيريا والحصبة والجدري وحمى الضنك والإنفلونزا وغيرها من الأمراض التي انتشرت خلال فترات الحرب.
وتحذر منظمات الأمم المتحدة من توسع رقعة انتشار هذه الأمراض والأوبئة خلال العام الجديد، وازدياد ضحاياها في ظل انهيار الوضع الصحي في البلاد وتدهور الوضع المعيشي وانعدام الأمن الغذائي.
ومن بين أبرز الأسباب التي تجعل المزيد من اليمنيين عرضة لتلك الأوبئة والأمراض، هو تجمع المصابين في أماكن محددة يعيش فيها أغلب الفارين من جحيم الحرب في مخيمات مؤقتة للنازحين، وذلك وفقا لتقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
كما يقيم مئات الآلاف من هؤلاء مع عائلات مضيفة أو في مساكن عامة، وبالتالي يكون انتقال الأوبئة المعدية أكثر سرعة وانتشارا.
الكوليرا.. عدو جديد
ووفقا للتقارير الأممية، فإن عدد المصابين بالكوليرا في اليمن تجاوز المليون، فيما وصل عدد الوفيات بسببها إلى 2227 منذ أبريل/نيسان 2017 حتى نهاية 2018.
أما الدفتيريا، فقد بلغ عدد المصابين بها -وفقا لمنظمة الصحة العالمية- نحو 1300 شخص في البلاد، وهي تفتك بواحد من بين كل عشرة مصابين، وقد تسببت في وفاة سبعين يمنيا خلال الفترة الماضية.
ولا تقف حرب الأمراض عند هذا الحد، بل إن مئات الآلاف من اليمنيين يعانون من الإصابة بالفشل الكلوي والسرطان وأمراض القلب، ومعاناة هؤلاء في ظل الحرب تزداد ولا سيما أن أغلبهم لا يجدون فرصة السفر للعلاج في الخارج، بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي فضلا عن عجزهم عن توفير تكاليف العلاج.
أسعار الغذاء
ومع بداية العام الجديد، يأمل اليمنيون في أن تتخذ حكومة هادي مزيدا من الخطوات الحازمة لإنقاذ اقتصادهم الوطني، من خلال اتخاذ المزيد من التدابير لمعالجة انهيار الريال اليمني بعد أن فقد أكثر من 30% من قيمته خلال الأشهر الأخيرة من عام 2018، وهو ما نتج عنه زيادة في أسعار المواد الغذائية بأكثر من 300%، بالإضافة إلى زيادة مشابهة في أسعار المشتقات النفطية بحسب الباحث الاقتصادي اليمني عبد الواحد العوبلي.
وقال العوبلي في حديثه مع الجزيرة نت إن تلك الزيادة شكلت عبأ إضافيا على كاهل المواطن المحروم أصلا حتى من الراتب، وعلى الرغم من محاولات الحكومة تخفيض سعر صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني خلال عام 2018، فإن تلك المحاولات باءت بالفشل وعاود الريال انهياره تدريجيا.
وبحسب العوبلي، فإن أبرز ما نتج عن انهيار العملة اليمنية كان ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، كما أن تحسن سعر الريال لم ينعكس على الأسعار، بل على العكس فقد فاقم التحسن الشكلي لسعر صرف الريال من المشكلة.
وفيما يدخل اليمنيون العام الجديد بطموحات وآمال بأن يكون عام نهاية الحرب والمجاعة والأوبئة في بلد كانت السعادة يوما جزءا من اسمه، يخشى قطاع كبير منهم من أن يدشن هذا العام دخول بلادهم عامها الخامس في حرب بين قوى إقليمية، لم يكن اليمنيون سوى وقود لها.