شهادة عن مشاورات السويد: اتّفاق الحديدة انتصار
مقالات | 18 ديسمبر | مأرب برس :
بقلم / جمال عامر :
أبدأُ الحديثَ عن مشاورات السويد وهي شهادةٌ ستكونُ جزءاً من تأريخي الذي أتمنّاه أن يكونَ ناصعاً وخالياً من أية شوائبَ يمكنُ أن تُسيءَ إليه.
بعد أن كان وجودي ضمن وفد صنعاء خياراً ارتضيتُه حين تيقنتُ أن لدى مكوِّنَي المؤتمر وأنصار الله نيةً مسنودةً بإرادة صادقة للوصول إلى حلول تقودُ إلى سلام عادل، وكانت الأوراقُ المطروحةُ للنقاش هي الإطار السياسيّ ومطار صنعاء والاقتصاد بما فيه المرتّبات وتعز والحديدة.
وفي أول لقاء للوفد في السويد، تم تشكيلُه في لجان هي التهدئة والحديدة وتعز – الإطار السياسيّ -الاقتصاد – المطار – الأسرى..، وكان الوفدُ يجتمعُ بكامله؛ لمناقشة ما دار في كُــلّ لجنة للتقييم وإبداء الملاحظات.
وسأبدأ أَوّلاً بوضع مَن يهتم بصورة ما جرى للوصول إلى اتّفاق الحديدة الذي دار حوله لغَطٌ وتعسُّفٌ لتفسير بنوده، بالإضافة إلى اتّهامات بالتفريط بالسيادة، مع ما هو مؤكّدٌ من أن من ينوحُ على السيادة اليومَ كان سيكونُ أَكْثَــرَ نوحاً وهياجاً لتضحية وفد صنعاء بالحديدة وجعلها عُرضةً للتدمير وأبنائها للقتل مقابلَ استمرار أنصار الله بالسيطرة عليها.
وما تجدُرُ الإشارة إليه أن هدفَ وفد صنعاء كان تجنيبَ الحديدة مزيداً من الدمار والقتل وحماية الميناء بعد أن أصبح هدفُ التحالف تعطيلَه؛ ولهذا كان نقاشُ هذه القضية باعتبارها ضمن المِلَـفّ الإنساني وليس السياسيّ، وهو ما تم التوافقُ عليه أثناء لقاء نقاش طويل ضم الوفدَ مع المبعوث ونائبه ومثله مع رئيس الوفد ونائبه.
ليقومَ مكتبُ غريفيث ببلورة الأفكار في ورقة عنونها (اتّفاق حلول مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى) تتكوّنُ من عشرة بنود وتمت مناقشتُها من قبل الوفد وأُجريت تعديلاتٌ فنية عليها..
لتعودَ مرةً أخرى بنفس العنوان ولكن أَكْثَــر تنظيماً متضمنةً 14 بنداً تمت الموافقةُ عليها، مع المطالبة بإضافة ميناء الحيمة الصغير في الخوخة.
بالمقابل لم يشكل وفدُ الرياض لجنةً موازيةً، كما رفض نقاشَ الورقة حتى ما قبل ساعتين من اختتام المباحثات، قبل أن يقومَ وزيرُ الخارجية البريطاني وأمين عام الأمم المتحدة بالتواصل مع بن سلمان وهادي والضغط لتوجيه وفدهم بالموافقة.
وحولَ بنود الاتّفاق الذي اطّلع عليها الجميعُ وتحاولُ حكومة هادي تعسُّفَها فإنَّ أياً من البنود لم تتحدَّثْ عن تسليم مدينة الحديدة، كما إنها لم تُشِرْ إلى تغييرٍ في السلطة المحلية أَوْ تحديد ماهيتها، وإنما جاء في البند الثالث عشر أن مسؤوليةَ أمن مدينة الحديدة وموانئها الصليف ورأس عيسى تقعُ على عاتق قواتِ الأمن المحلية وفقاً للقانون اليمني، وما هو واضحٌ هنا أن القوات الأمنية من أبناء الحديدة هم مَن سيقومون بحماية المدينة دون تحديد لعام التحاقهم بالخدمة قبل عام 2014 أَوْ بعده.
أمَّا عن دور الأمم المتحدة فهو محدّدٌ بلجنة تنسيق ومراقبة من عشرات يمثلون فريقاً يرأسُه الجنرالُ الهولندي باتريك كامرت، وترؤّس لجنة تنسيق عسكريّة من الطرفين تكون مهمتها الإشراف على مراقبة وقف إطلاق النار وإعَادَة الانتشار ونزع الألغام، ويقوم الرئيس برفع تقارير أسبوعية إلى الأمم المتحدة عن حجم الإنجاز وحول الموانئ، فقد خلت الورقة من ذكر تسليمها لأي طرف وإنما لقوات محلية؛ بغرض الحماية، ومنح دور قيادي للمنظمة الأممية فيما له علاقة بدعم الإدارة القائمة أَوْ من سيضاف إليها من فنيين وكذا عمليات التفتيش في الموانئ.
وعلى أية حال فإنَّ كُــلَّ هذه الإجراءات هي طارئةٌ ومؤقَّتةٌ حتى حصول اتّفاق سياسيّ، مع الإشارة إلى أن مكتب المبعوث حرص على صياغة بنود اتّفاق يمكن اعتبارُها مطاطةً وغيرَ محدّدة؛ بغرض إنجاح المشاورات إلّا أنه يمكن التوصلُ لتوافق عليها في حال صدقت النوايا بوقفِ الحرب وحصل انسحابٌ لقوات الطرفين.
كما إن مَا سبق يعد سرداً سريعاً للتوضيح وليس قراءةً سياسيّةً وستثبت الأيام القادمة مَن يعد وقفَ الحرب في المحافظة المنكوبة انتصاراً للسلام ولمن سينجو من قتل محقّق.