من سعة القصور إلى ضيق السجون.. قصص أميرات خليجيات يقبعن في الأسر

متابعات | 10 ديسمبر | مأرب برس :

في مارس (آذار) الماضي، وبعد مرور ما يقرب من خمسة أشهر على حملة توقيف الأمراء واحتجازهم في فندق «الريتز كارلتون»، ذكرت شبكة «إن بي سي نيوز» الأمريكية، أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يحتجز والدته الأميرة فهدة بنت فلاح بن سلطان آل حثلين، ويمنعها من لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز منذ أكثر من عامين؛ خشية معارضتها لخطواته السريعة المتلاحقة من أجل اعتلاء العرش السعودي.
ونقلت الشبكة عن 14 مسؤولًا سابقًا وحاليًا في الإدارة الأمريكية، أن ابن سلمان أبقى والدته بعيدة عن والده طوال هذه الفترة؛ لاعتراضها على استيلائه السريع على السلطة، ولأنها تعتقد بأن ذلك سيؤدّي إلى انقسام الأسرة الحاكمة في المملكة السعودية. وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن محمد بن سلمان قد صاغ لوالده تفسيرات كثيرة لعدم ظهور والدته، من بينها أنها في رحلة علاج بالخارج؛ وذلك حتى لا يعرف الملك أن ابنه يقف وراء غياب زوجته الثالثة المتواصل.

ويعتقد هؤلاء المسؤولون بناءً على سنوات طويلة من العمل المخابراتي، أن الأمير الشاب احتجز والدته بعيدًا عن والده، خوفًا من استخدام نفوذها لدى الملك من أجل منع ابن سلمان من تحقيق طموحاته. وعقّب مسؤولو استخبارات أمريكية على هذا الخبر بأنه مثال حقيقي على رغبة ولي العهد السعودي بإزالة أي عائق أمام تثبيت موقعه، ملكًا مقبلًا للسعودية، حتى وإن كان هذا العائق والدته.

وذكر مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، أنهم قد اعترضوا اتصالًا لمحمد بن سلمان عام 2016، يتحدث فيه عن جهوده لإبقاء والدته بعيدة عن الملك؛ وأفاد شخص مقرب من العائلة الحاكمة في السعودية، بأن الأمير محمد بن سلمان ووالدته كانا قد تشاجرا منذ عدة سنوات، لأسباب كثيرة؛ من بينها اعتقاده أنها كانت تسعى إلى تقوية نفوذ أقاربها.

وبالرغم من انتشار هذه الأخبار في وسائل الإعلام العالمية، الأجنبية والعربية، إلا أنّ السلطات السعودية اكتفت بنفي -على لسان المتحدث الرسمي باسم السفارة السعودية في واشنطن، فاطمة باعشن- أن تكون والدة ابن سلمان تحت أي نوع من أنواع الإقامة الجبرية، مؤكدةً أن هذه المزاعم «غير صحيحة بالمرة»، دون أية تسريبات إعلامية أو أخبار محلية عن ظهور الأميرة في مناسبات ملكية عائلية مثلًا، أو لقائها بأي صحيفة عربية أو محلية، دحضًا لهذه المزاعم.

وكانت فاطمة قد أوضحت في بيان أرسلته إلى شبكة «إن بي سي نيوز» الأمريكية، وأرفقته الشبكة لاحقًا في التقرير، أن: «هذا غير صحيح على الإطلاق، وإذا كنتم تودون أن تسألوا صاحبة السمو الملكي الأميرة فهدة بأنفسكم، وهذا يشمل اللقاء بها شخصيًّا، سنكون سعداء بترتيب هذا الأمر على الفور». لكن الشبكة عادت وأشارت إلى أنها سبق وأن تواصلت مع متحدث آخر في السفارة السعودية في يناير (كانون الثاني) الماضي، وعرض آنذاك أن يتحدث مراسل الشبكة مع مصادر مقربة من الأميرة فهدة، لأن الأميرة «لا تود تسليط الضوء عليها»، وهو ما رفضته «إن بي سي نيوز».

وبتتبُّع هذه الأخبار، يتضح أن الأميرة فهدة بنت فلاح، ربما ليست أولى الأميرات الخليجيات اللواتي تعرضن لمضايقات أو قمع أو حجز رُغمًا عن إرادتهن في إقامات جبرية، أو ملاحقتهن، أو تضييق الخناق عليهن ورفض تجديد جوازات سفرهن.

التقرير التالي يسلط الضوء على بعض الأميرات الخليجيات المغضوب عليهن، واللواتي يعانين من ضيق العيش في القصور المترفة.

سارة بنت طلال بن الوليد.. الأميرة «باربي» المُطالِبة بالإصلاح ومحاربة الفساد

كتب المغرد السعودي الشهير «مجتهد»، عبر حسابه الرسمي على «تويتر» في نهاية يونيو (حزيران) 2012، يقول إن الأميرة سارة بنت طلال بن عبد العزيز قد تقدمت بطلب لجوء سياسي إلى المملكة البريطانية المتحدة، والتي تعيش فيها منذ عام 2007. وقد قوبل هذا الخبر آنذاك بالتكذيب، قبل أن يشاع الخبر بعد أيام في وسائل الإعلام، ويتبين صدق «مجتهد». وقد بررت الأميرة طلبها اللجوء السياسي حينذاك بأنها تعرضت إلى «سلسلة مضايقات من أفراد في العائلة المالكة، فضلًا عن الفساد المستشري داخل أجهزة المملكة».

الأميرة سارة بنت طلال

ليأتي طلب الأميرة السعودية حفيدة مؤسس المملكة باللجوء السياسي بعدما ذاع صيتها إعلاميًّا باعتبارها أحد الوجوه المُعارضة داخل أسرة «آل سعود»؛ ومطالبتها بمحاسبة الفاسدين في المملكة، ولا سيما في الديوان الملكي، وعلى رأسهم رئيس الديوان خالد التويجري، في عهد الملك عبد الله، ومحاسبة الفاسدين في الجهاز الدبلوماسي للمملكة، وفي القضاء الشرعي أيضًا.

وتجدر الإشارة إلى أن مطالب الأميرة «باربي»، كما تشتهر في الأوساط السعودية الحاكمة، لم تقف عند هذا الحد؛ فقد كانت تحمل رؤىً مخالفة لما تعيشه المملكة من قيود على حرية الرأي، فضلًا عن رأيها حول أهمية «حرية إنشاء الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والخيرية وغيرها من النشاطات المدنية السلمية التي تشكّل بمجملها المجتمع المدني التنموي الذي يدل على الرقي والتطور الحضاري في الدول»، كما ذكرت في حوارها آنذاك لجريدة «الأخبار» اللبنانية.
رؤى الأميرة الإصلاحية المُتحررة لا تنفصل بحسبها عن الأفكار الإصلاحية التي يطرحها فرع العائلة الذي تنتمي له؛ إذ تقول: «فرع أسرتي كان يختلف دائمًا عن بقية آل سعود؛ لكونه متحررًا ومثيرًا للجدل ومتنوعًا»؛ ما جعل مسؤولين سعوديين يحاولون احتواء غضب حفيدة الملك المؤسس عبر استمالتها عن طريق منحها أموالًا طائلة في حال الكف عن هذه الانتقادات، كما طالبوها بالعودة إلى الرياض، لكن قوبلت كُل هذه المحاولات بالرفض، بعدما شددت الأميرة السعودية على تمسكها بموقفها، وهو ما حرمها من ميراثها عن أمها الأميرة موضي العنقري، التي رحلت بعد صراع مع مرض السرطان في عام 2008.

الأميرة سارة بن طلال آل سعود

وتجدر الإشارة إلى أن الأميرة سارة كانت قد انتقلت للعيش في المملكة المتحدة عام 2007 هي وأبناؤها الأربعة، إثر مشاجرة مع والدها الأمير طلال بن عبد العزيز، ورفضت الأميرة الخوض في تفاصيل خلافها مع والدها، مشيرة إلى أنها «لا تناقش هذا الأمر علنًا»، وأكدت الأميرة أن السبب في ذلك اقترافها لأمر ما، «لم يستطع هو التغاضي عنه، وبعدها انتقم مني، وأراد أن يسحقني». وقالت الأميرة التي تحولت إلى النزعة التمردية بعد هذا الموقف الصادم مع أبيها إنها كانت «الأقرب والمفضلة لديه». وكانت السفارة السعودية قد رفضت في 2009 تجديد جواز السفر الخاص بالأميرة بعد انتهائه؛ الأمر الذي عرّضها للترحيل من بريطانيا؛ لأن صلاحية إقامتها انتهت أيضًا.
وبحسب حديث للأميرة كانت قد استعرضت خلاله مشاكلها، قالت: «الآن خائفة للغاية. إنهم يعرفون أني لا أستطيع العودة، حاليًا هناك تهديد. هذه صفعة على وجه المملكة». وأضافت قائلة إنها تعرضت للإساءة البدنية والنفسية، وأن أرصدتها جمّدت، وأضافت: «اتهموني بأنني معارضة لهم، وعلى صلة مع إيران».

وسارة التي تبلغ الآن 45 عامًا، درست في جامعة الملك سعود في الرياض، وتزوجت أحد أبناء عمومتها قبل أن تنتهي هذه الزيجة بالطلاق في العشرينات من عمرها، بعدما نتج منها أربعة أبناء، وتبدأ العمل مع والدها عندما كان سفيرًا للـ«يونيسيف». ويذكر أنها رفضت محاولات ثنيها عن قرار طلب اللجوء السياسي إلى بريطانيا. مؤكّدة رفضها المساومة على مطلبها بمحاسبة الفاسدين في المملكة، وأنها ترفض التخلي عن طلب اللجوء السياسي مقابل إعادة منحها جواز السفر السعودي، مشترطةً أن يكون الحل شاملًا وجذريًّا، وأن تبدأ «عملية محاسبة الفاسدين في أجهزة الدولة فعلًا لا قولًا» حسب قولها.

وجدير بالذكر، أنه في عام 2014، عاد اسم الأميرة للظهور، بعد أن رفعت مدرّبة كلاب بريطانية، متخصصة في تدريب كلاب الأثرياء والمشاهير، دعوى ضد الأميرة تتهمها فيها بعدم دفع أتعابها التي تقدر بـ8 آلاف جنيه إسترليني، بعدما قامت الأولى بتدريب كلب الأميرة على حُسن السلوك، بعد اتهامه بعضّ طفل صغير.
وكانت الأميرة آنذاك تسكن في قصر، تقدر قيمته بحوالي 35 مليون جنيه إسترليني، دون أن يُعرف على وجه الدقة من أين وكيف حصلت على هذا المبلغ، وهل وقعت تسوية بين الأميرة التي اختفت تمامًا عن الأضواء، والعائلة المالكة أم لا.

الشيخة لطيفة آل مكتوم.. الأميرة المفقودة التي حاولت الهرب من «دولة السعادة»

منذ أوائل مارس (آذار) الماضي، اختفى كلّ أثر للشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، ورئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة من زوجته الجزائرية حورية لمعاش، بعد فشلها في محاولة الهرب، لـ«عيش حياة جديدة»، كما قالت لطيفة في المقطع المصور الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما ألقت القبض عليها فرقة مسلحة قبالة شواطئ الهند.

واتَّهمت لطيفة البالغة من العمر 33 عامًا، والدها باحتجازها وشقيقتها شمسة، وكذلك سوء معاملتهما، والضلوع في تعذيبهما وآخرين. إذ قالت ابنة حاكم دبي في المقطع المصور الذي لقي انتشارًا واسعًا، إن شقيقتها شمسة قد احتُجزت منذ محاولة هروبها عام 2000، وأنها تعرضت لسوء معاملة وتخدير، ولم تتواصل معها منذ ذلك الحين. وأنها -لطيفة- سبق وأن حاولت الهرب وهي ابنة 16 عامًا، إلا أنه تم القبض عليها واحتُجزت ثلاث سنوات، عانت خلالها من التعذيب والضرب، وأصبحت مراقبة طوال الوقت، ومقيدة الحركة، مما جعلها تخطط للهرب.

الشيخة لطيفة آل مكتوم خلال إحدى مسابقات الفروسية عام 2010

وكانت شبكة «بي بي سي»، قد نشرت وثائقيًّا بعنوان: «الهروب من دبي- لغز الأميرة المفقودة»، عرضت فيه عملية هروب الشيخة لطيفة، استنادًا إلى مقابلات أجرتها الشبكة مع جاسوس فرنسي سابق ومُدرِّبة رياضة فنلندية، واللذين قالا إنَّهما ساعدا الأميرة الإماراتية في التخطيط للهرب.

لقد تعرَّضتُ لسوء المعاملة والقمع طوال حياتي. تُعامَل النساء هنا في درجة أدنى من البشر. لا يمكن أن يستمر والدي في فعل ما كان يفعله بنا جميعًا. *لطيفة بنت محمد بن راشد، في رسالة إلكترونية أرسلتها إلى الفرنسي إرفي جوبر

وبحسب تصريحات كلّ من إرفي جوبر، والمدربة الفنلندية تينا جاوهاينن، فإن تخطيط لطيفة للهرب بدأ منذ عام 2011، وأن الأمر استغرق ما يزيد على سبع سنوات لتنفيذه، وبرغم كافة الاحتياطات التي اتخذوها، والسرية الشديدة التي أحاطت بالمحاولة، إلا أن اليخت الذي استقلته لطيفة برفقة جوبر وتينا، داهمته فرقة كوماندوز لإلقاء القبض عليها، واختفى كل أثر للشيخة لطيفة ولم يُسمع منها أو تظهر مرة أخرى للعلن منذ ذلك الحين، بالرغم مما أعلنته أسرتها بعد انتشار المقطع المصور، من أنها «موجودة مع عائلتها ووضعها ممتاز».

بنات الملك عبد الله الأربعة.. رهينات القصر حتى الموت عقابًا لأمهن!

بناتي محبوسات ضد إرادتهن ومعزولات عن العالم. *الأميرة العنود الفايز طليقة الملك عبد الله

في مارس (آذار) عام 2014، تداولت الصحف البريطانية خبرًا يقول بأن بنات العاهل السعودي آنذاك، الملك عبد الله، من زوجته الأميرة العنود الفايز، محتجزات ضد إرادتهن، ويخضعن لسوء معاملة وقمع منذ عام 2001، وذلك في فيلا ملحقة بالمقر الملكي في مدينة جدة.

وذكرت صحافية بريطانية أنها تلقّت عدة مكالمات هاتفية من الأميرة سحر والأميرة جواهر، أكدتا أنهما محتجزتان بأمر والدهما وممنوعتان من مغادرة القصر، انتقامًا من والدتهما التي لجأت إلى بريطانيا بعد طلاقها غير معروف الأسباب من الملك السعودي. وبحسب الصحافية البريطانية، فإن الأميرتين حبيستا فيلا مشدّدة الحراسة، لا تستطيعان مغادرتها منذ ما يزيد على 13 عامًا.

كل منا تشاهد الأخرى تتلاشى ببطء. *الأميرة جواهر بنت عبد الله آل سعود

وبعد أسبوعين تقريبًا، أذاعت القناة الرابعة البريطانية، مقابلة مع أميرتين من الأميرات المحتجزات، ومقابلة أخرى مع أمهن الأميرة العنود الفايز المقيمة في بريطانيا.

المقابلة التي أجرتها الأميرتان مع القناة البريطانية عبر برنامج «سكايب»

وخلال المقابلة، أوضحت الأميرتان أن حبسهما في مقر إقامتهما يعود إلى كونهما تتحدثان عن حقوق الإنسان، وأنهما داومتا على سؤال الملك عن سبب احتجازهما، خاصة وأن إحداهما تعاني من حالة عقلية متردّية، لكنهما لم تحصلا على جواب سوى «قولا لأمّكما ترجع، يجب عليها أن ترجع»، وأكدت الأميرتان أن سبب حديثهما للإعلام بعد كل هذه السنوات، عائد إلى تهديد الملك لهما بأن الحال لن يتغير بعد وفاته، وأن أشقاءهما الذكور سيستأنفون الإساءة إليهما ويتأكدون من احتجازهما.

الأميرة العنود وبناتها الأربعة عام 1980

وقد ادّعت الأميرة العنود أن سبب احتجاز بناتها يعود إلى رغبة الملك في الانتقام منها، لأنها هربت من معاملته السيئة لها بعد فشلها في إنجاب ذكر، عبر مساعدة جمعية مهتمة بحقوق المرأة. إذ تقول الأميرة التي تنحدر من أسرة أردنية ثرية، إنها ضاقت بالعيش في المملكة، حيث تمنع النساء من أبسط حقوقهن، وأنها ملّت العيش في السجن المرفه، وأنها تعرضت للضرب والإهانة عندما أبدت اعتراضها على نمط الحياة في المملكة، وعدم رؤيتها لزوجها الذي تزوّج كثيرات غيرها، وأنجب حوالي 40 ابنًا وابنة، وأضافت أيضًا أنها لم تعلم بطلاقها من الملك إلا بعد عامين بالرغم من وجودها في أحد القصور الملكية.

وجدير بالذكر أنه ومنذ وفاة الملك عبد الله في يناير 2015، اختفى كل أثر للأميرات الأربعة وأمهن، وأن حساباتهن على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، والتي كانت وسيلتهن لفضح ما يتعرضن له، هُجرت تمامًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى