اليمن وتوقيف الأمراء واختفاء خاشقجي… ملفات شائكة منذ تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد
متابعات | 20 اكتوبر | مأرب برس :
ارتبط اسم الأمير السعودي محمد بن سلمان منذ تعيينه وليا للعهد في 21 حزيران/يونيو 2017 بقضايا شائكة مثيرة للجدل و”ملفات سوداء”، محلية وإقليمية ودولية، دفعت المحافظين في المملكة والحلفاء في الخارج إلى التساؤل عن مستقبلها.. ومستقبل منطقة الخليج في ظل “التهديد الإيراني”.
تشهد السعودية تحولا في طبيعة حكمها، إذ أنها انتقلت من “مملكة محافظة تعتمد على التوافق بين مختلف فروع العائلة المالكة إلى نظام استبدادي برز فيه انفراد محمد بن سلمان بكل السلطات”.
هذا التعليق الوارد عن المحلل السياسي المتخصص بقضايا دول الخليج كريم صادر، في اتصال هاتفي مع موقع فرانس24، يلخص حال الوضع المتأزم الذي تمر به السعودية منذ بزوغ نجم الأمير محمد بن سلمان، الذي اختاره والده الملك سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد خلفا للأمير محمد بن نايف بموجب أمر ملكي صدر فجر يوم 21 حزيران/يونيو 2017.
ووراء هذا الوضع السياسي والدبلوماسي المثير للقلق، قرارات ومواقف… بعضها حازمة وآخرى “عنيفة” اتخذها الأمير الشاب محليا وإقليميا أو دوليا.
فقد أعلن ولي العهد، الذي ولد في 15 آب/أغسطس 1985 بالرياض، حربا “مدمرة” في اليمن وقام بحملة مكافحة فساد “شرسة” في السعودية، كما أنه أعلن على خلفية ما تسميه واشنطن وحليفتها إسرائيل “التهديد الإيراني” حق الإسرائيليين “في العيش بسلام على أرضهم”.
فيما يربط البعض اسمه بقضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي منذ دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر والذي كان قد انتقد عددا من قرارات ولي العهد في كتاباته الأخيرة.
أوامر ملكية بالغة الأهمية
تحولت السعودية تدريجيا ثم جذريا على وقع أوامر ملكية بالغة الأهمية جعلت في أول الأمر من محمد بن سلمان مستشارا خاصا لولي العهد، الأمير مقرن، في آذار/مارس 2013 ورئيسا لديوان بمرتبة وزير.
وبعد تولي سلمان، أحد أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود، الحكم بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني 2015، أصبح الأمير وزيرا للدفاع ورئيسا للديوان الملكي. فسارع إلى فرض نفسه كقائد، ليعلن حربا ضد الحوثيين في اليمن في 26 آذار/مارس 2015.
وبدأت الرياض ليلا عملية عسكرية واسعة النطاق قاد وزير الدفاع شخصيا إطلاقها من غرفة العمليات تحت اسم “عاصفة الحزم” وبمشاركة دول عربية وإسلامية. وقالت إن العملية تهدف إلى “الدفاع عن الحكومة الشرعية ومنع حركة الحوثيين المتطرفة (المدعومة من إيران) من السيطرة على البلاد”.
وضع إنساني كارثي في اليمن
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على حرب مدمرة أسفرت عن سقوط آلاف القتلى، فضلا عن الجرحى والنازحين، بات الوضع الإنساني في هذا البلد الفقير كارثيا فيما يظل الانسداد السياسي قائما.
وأصبح محمد بن سلمان وليا لولي العهد بموجب أمر ملكي صدر في 29 نيسان/أبريل 2015 ورئيسا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، محتفظا بمنصبه وزيرا للدفاع. ثم تعززت سلطاته وتوسعت صلاحياته عندما عين رئيسا لشركة النفط (أرامكو) في الأول من أيار/مايو 2015.
للمزيد.. هل بدأت واشنطن لفلفة قضية خاشقجي؟
وخلال هذه الفترة، أعلن الأمير الذي بات وزيرا ووليا لولي العهد، جملة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية أطلق عليها اسم “رؤية 2030” والتي قال إنها ستغير وجه المملكة.
والهدف المعلن من هذا البرنامج الإصلاحي هو إنهاء اعتماد اقتصاد الدولة على النفط، وضمن فصوله إنشاء مدن جديدة عصرية وتحويل جزر في البحر الأحمر إلى محطات سياحية بارزة.
اعتقالات فندق “ريتز-كارلتون” وقطع العلاقات مع قطر
وكشف محمد بن سلمان في نيسان/أبريل 2015 تفاصيل برنامجه بفندق “ريتز-كارلتون” بالرياض، الذي أصبح في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 مسرحا مغلقا لحملة مكافحة فساد طالت أمراء ورجال أعمال ووزراء، وتكلم يومها بلسان فصيح وخطاب صريح واضح، لم يستعن بأي بيانات ولا وثائق.
حملة ولي ولي العهد الهجومية والمفاجأة استمرت في مطلع حزيران/يونيو 2017 عندما قررت المملكة، مصطحبة في “مغامرتها” الدبلوماسية الإمارات والبحرين ومصر، قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر المتهمة بـ “دعم الإرهاب والتدخل في شؤونها الداخلية”.
وأشار المحلل السياسي كريم صادر إلى أن محمد بن سلمان معجب كثيرا بنمط حكم ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ابن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “الأب المؤسس” وأول رئيس لدولة الإمارات، مرجحا أن يكون وراء دخول الرياض في صدام مع الدوحة.
وانتهى الفصل الختامي من بزوغ نجم الأمير السعودي بتعيينه وليا للعهد في 21 حزيران/يونيو 2017 بموافقة هيئة البيعة بـ 31 صوتا من أصل 34.
إصلاحات موجهة للشباب والنساء
وكانت مراسلة فرانس24 السابقة في الرياض كلارانس رودريغيز أشارت في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 في مقابلة مع مجلة “باري-ماتش” إلى أن محمد بن سلمان هو الابن المفضل للملك سلمان، موضحة أنه دائما تميز عن إخوته بأنه أبدى استعدادات للقيام بإصلاحات في المملكة، مؤكدة أن قراراته موجهة أساسا للشباب والنساء إذ أنه بحاجة إلى دعم داخلي.
لكنها تابعت إن قراراته تصدم المحافظين داخل المملكة، ما أثار توترات داخل العائلة الحاكمة.
وكانت المراسلة تتحدث على خلفية حملة “تطهير” غير مسبوقة في تاريخ المملكة طالت وزراء وأمراء في بادئ الأمر، ثم اتسعت رقعتها إلى رجال الأعمال ومن بينهم الملياردير الوليد بن طلال ووليد الإبراهيم، مؤسس مجمع إعلامي ضخم يضم قناة العربية. ورجحت بعض الجهات أن تكون الرياض استعادت نحو 100 مليار دولار جراء هذه الحملة.
فبالنسبة إلى كريم صادر، رغم أن طريقة حكم محمد بن سلمان “عنيفة” لكنها تسمح له (لحد الساعة) بـ “تعزيز سلطانه على المستوى المحلي”. أما على المستوى الدولي والدبلوماسي، فقد بدأت رياح التشكيك تهب على الرياض، لدرجة أن بعض مصادر الإعلام الشهيرة مثل “الغارديان” (بريطانيا) و”نيويورك تايمز” (الولايات المتحدة) تحدثت خلال الأسبوع الجاري عن “نهاية حقبة” ولي العهد، فيما نقلت “لوفيغارو” الفرنسية عن مصدر دبلوماسي في باريس أن لجنة عقلاء من العائلة المالكة اجتمعت في الرياض لبحث احتمال تعيين ولي لولي العهد.
فهل ولى عهد محمد بن سلمان قبل أن يصير ملكا؟