اليمن: يد تقاوم وعين تراقب.. شعار ملائم لهذه المرحلة من المقاومة
مقالات | 19 اكتوبر | مأرب برس :
بقلم / إيهاب شوقي * :
أثار الاهتمام الدولي والشعبي بقضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي وملابساتها ومتابعة تحقيقاتها وتسريباتها سؤالا جديدا لدى كل من لديه ضمير انساني، وهذا السؤال هو، اين هذا الاهتمام بشعب كامل محاصر في اليمن، يقتل مدنيوه اطفالا وشيوخا ونساء، ويأكلون اوراق الاشجار ويعانون من افتقاد الخدمات الصحية والضروريات الرئيسية للبقاء على قيد الحياة؟!
لا نطالب الدول ولا المؤسسات ولا الشعوب بتجاهل الاختفاء والقتل والاهتمام الفطري بالجرائم وغموضها والغازها، بل ونرفض القتل القائم على الغيلة لانه يخالف المروءة والقيم، ولكن نطالب بنظرة على شعب او حتى قطاع من شعب يتعرض لعدوان همجي وحصار شيطاني.
الا يستحق شعب اليمن هذه النظرة وهذا الاهتمام؟…ولا نطالب من قبيل العطف ومصمصة الشفاه وتسول الاحسان- وان كانت المناصرة والعون واجبا انسانيا- بل نطالب من اجل تأمل الصمود الاسطوري والتعلم من الاعتبار واخذ الدروس من هذا الصمود والتي اولها، كيف تفعل العزة والكرامة والعقيدة القوية المعاجز وكيف تضفي على اصحابها قوة وبأسا وكيف تجبر المعتدين على التخبط والفشل والتنازع فيما بينهم.
انه بلا ادنى مبالغة درس تاريخي، يضاف لدروس التاريخ الاسطورية والخالدة والتي انتصر فيها الدم على السيف والتي شتتت شمل المعتدين واسقطت طغاتهم وبقيت ملهمة لكل حر يرفع راية العزة ولسان حاله يصيح “هيهات منا الذلة”.
تقول احدث الاخبار ان منظمة الأمم المتحدة حذرت من أن اليمن قد يشهد قريبا مجاعة على “نطاق ضخم” إذا استمرت الحرب الدائرة هناك دون وصول المساعدات إلى المحتاجين.
وفي حديث لبي بي سي، قالت ليز غراندي، منسق الأمم المتحدة لشؤون اليمن، إن الجوع يهدد 13 مليون شخص، وأن الأمر قد يتحول إلى أسوأ مجاعة في العالم منذ قرن.
وشددت غراندي على أن المجتمع الدولي يجب أن يشعر بالخجل بسبب الأحوال في اليمن.
وهو تصريح متأخر جدا بعد الاكتفاء بتقارير عن اعداد الشهداء وضحايا الجوع والاوبئة، ولكن له دلالات لا تخفى، ابرزها ان الفشل لاحق العدوان بما يستحيل معه استمرار التواطؤ والتمرير، فكم من جريمة تم التواطؤ والتكتم عليها اذا ما مرت سريعا دون مقاومة وصمود، بينما التاريخ يعلمنا الا حق يسقط اذا كان وراءه مطالب.
والدلالة الاخرى هي الضعف الذي اصاب السعودية والفضائح التي تلاحقها وانها فقدت نقاط قوتها وضغطها القائم على الرشا، وان موازين الرشا اختلت كفتها امام كلفة مناصرتها والتكتم على فضائحها.
قد تمر قضية خاشقجي دون تأُثير على عرش ابن سلمان، وقد لا تمر، اما قضية اليمن وصموده ومقاومته فلن تسمح له ولا لال سعود بالبقاء لحظة هانئين، وربما لن تسمح لهم بالبقاء من الاساس.
ان اخطر ما يواجه اليمن اليوم، ليس العدوان وليس افتقاد الناصر، وليس التواطؤ والصمت، وانما جبهته الداخلية وكذلك الاختراقات والخيانة.
واذا ما وعت المقاومة جيدا للجبهة الداخلية ووحدتها ونجحت في القضاء على الدسائس وكشف الاختراقات، فإن النصر حتمي لأنها تستوفي شروطه، ولم تبخل بدم او جهد في سبيل الحفاظ على الكرامة والعزة والاستقلال.
“يد تقاوم وعين تراقب” شعار ملائم لهذه المرحلة الحرجة والتي تبتعد خطوات قليلة عن منصة التتويج بالفوز ورفع رايات الانتصار.
* كاتب مصري