شاهدٌ من قلب الحدث: دخول أنصار الله صنعاء
مقالات | 16 اكتوبر | مأرب برس :
بقلم / حسن زيد :
النقطة الثانية التي أثارها فتحي الزرق وبحسب تعبيره بالنص:
(مش أنتم دخلتم صنعاء وسيطرتم على كُـلّ شيء!؟..
كنتم قادرين تفرضون مشاركتكم الكاملة كطرف يمني له كُـلّ حقوق المشاركة..
ليش استوليتم على كُـلّ معسكرات الجيش وأسقطتم كافة المدن وهجرتم كُـلّ الأطراف.
ليش استقويتم على الجميع بقوة السلاح ليخسر الجميع).
وهي مركبة من ثلاث نقاط:
إن أنصارَ الله دخلوا صنعاء وسيطروا على كُـلّ شيء، وهذا الأمر غير دقيق، فدخولهم صنعاءَ اقتصر على المنطقة الأمنية التي كانت تحت حماية اللواء الرابع ولَم يسيطروا على أية مؤسسة عدا مواقع المواجهات (مقر الفرقة الأولى مدرع والتلفزيون ومبنى القيادة العامة القديم اضطروا لحمايته منعاً للنهب الذي بدأ أفرادٌ من اللواء الرابع بنهبه، وقد أنتج دخولُهم توقيعَ اتّفاق السلم والشراكة الذي باركه الجميعُ في الداخل والخارج وصدرت بينات تؤيد مضمونه ودعمه من قبل الأمم المتحدة ومجلس التعاون وغيرهما وكانت صياغته من قبل ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ولَم تتجاوز نصوصه من مطالبات أنصار الله إلّا تشكيل لجان..
١- اقتصادية لمعالجة اختلالات الفساد بتنظيف كشوف الراتب من الازدواج والأسماء الوهمية واتخاذ قرار بشأن أسعار المشتقات النفطية… إلخ القضايا التي أثيرت ومثارة من عقود ومن مختلف القوى والسلطات؛ باعتبارِها قضايا فساد، ووضع برنامج اقتصادي واقعي تلتزم به الحكومة.
٢- لجنة لمعالجة قضية صعدةَ، وِفْــقاً لمقررات مؤتمر الحوار.
٣- تشكيل حكومة شراكة وطنية يتم توافقُ المكونات الكبيرة الممثلين في هيئة مستشاري الرئيس على شخص رئيس الحكومة وعلى أن يمثل فيها الحراك الجنوبي وأنصار الله، بالإضَافَة إلى شريكَي السلطة المشترك والمؤتمر الشعبي، ونص على الحد من هيمنة الرئيس هادي وابنه على الحكومة وتفرده بالتعيين والتعديل بشأن تسمية وزراء الوزارات السيادية الأربع؛ بشرط عدم اختياره لشخصياتٍ اتُّهمت أَوْ أشيع فسادها، ووضعت معادلة ٩+٩+٦+٦ للأربعة المكونات، وأعطيت المكونات الكبيرة الأربعة المنصوص على مشاركتها في الحكومة حقَّ الاعتراض على مرشحي بعضهم بعضاً، فأنصار الله لم يرغبوا ولَم يسعوا ولَم يريدوا السيطرة وقبل وهم المنتصرون بأقل من غيرهم.
وقد فرض عليهم بحاح بعد تأخر الجدل حول شخصية الرئيس وقبلوا به كي لا يقال إنهم يرفضون المرشحين ويعرقلون تشكيل الحكومة؛ لأنَّهم سيُتهمون بانهم مستفيدون من الفراغ الذي حدث باستقالة الأستاذ باسندوة، ولقد كان خالد بحاح العصا الخليجية التي وُضعت لمنع إشراك أنصار الله؛ بحجة أن المانحين الخليجين أبلغوه بأن إشراكَ أيِّ وزير من أنصار الله أَوْ من المقربين من أنصار الله سيحجب الدعم المتعهد به في مؤتمر المانحين، ورغم أن خالد بحاح عمل على نقض نصوص اتفاق السلم والشراكة بخديعة للأسف كان لي الدور الأبرز أَوْ البارز في تنفيذها بحسن نيّة رغم معارضة الإصلاح والمؤتمر الشعبي وتحفظ أنصار الله والخديعة تفويض بحاح باختيار حكومته تجنبا لمأزق التوافق على ٣٠ وزيراً.
وتعهد بحاح بأن لا يشرك أي وزير سبق له تولي الوزارة وخصوصاً من أشيع فسادهم أَوْ إسهامهم في الفساد (كوزير الكهرباء الذي اتخذ قرارات في حكومة تصريف الأعمال ومحمد السعدي الذي أشبع أنه وصالح سُميع من خلال موقعيهما في التخطيط والتعاون الدولي أعاقا إصلاح شبكة الكهرباء الوطنية وأصرا على تمويل عقود إيجار مجحفة لصالح شقيق محمد السعدي، عبدالمجيد السعدي ومثلهما الدكتور عبدالرزاق الأشول الذي وقّع بالأمر المباشر عقودَ طباعة الكتاب المدرسي بخمسة مليارات ريال لصالح مكتبة الجيل الجديد التي يملكها أمين عام الإصلاح عبدالوهاب الآنسي وأمثالهم.
وقد خالف بحاح ما التزم به وبطريقة مستفزّة لأنصار الله لدرجة أنه اختار بعض الوزراء ممن اشتهروا بالعداء لأنصار الله والنيل من زعامتهم وبطريقة ساخرة ومستفزة، ولولا أن الشهيد الصمّاد احتوى رد فعل أنصار الله وغضبهم الشديد من الطعنة المستفزة التي وجهها بحاح وهادي إليهم بإعلانهما الحكومة التي توسع تمثيل الإصلاح جناح الإخوان أَكْثَــرَ مما مُثِّلَ في حكومة باسندوة وعاد الأكوع والسعدي والأشول للحكومة رغم وعد بحاح أن لا يعين في حكومته أي اسم تم تداول اسمه مقترناً بإشاعة الفساد، ولَم يكتفِ بحاح بذلك بل إنه أقصى أَيْضاً المؤتمر الشعبي العام من الحكومة واقتصر على تسمية الأستاذ أحمد الكحلاني كوزير دولة والذي اعتذر عن المشاركة.
ما أقوله هنا أنا شاهد عليه؛ لأنَّي كنتُ في قلب الحدث، وأتذكر أنني علّقت على تشكيل الحكومة عند إعلانها بالقول: إن المكون الذي انتصر عسكريّاً انتصاراً حاسماً هُزم سياسياً هزيمةً مطلقة.
ولكن الصمّادَ سلام الله عليه امتصَّ الموقفَ وتحمَّل مسؤوليةَ دعم الحكومة وعمل من خلال وجوده في هيئة المستشارين على إنجاح الحكومة وإعادة السيطرة الأمنية والعسكريّة في الأمانة للوحدات العسكريّة والأمنية التي لم تُمس ولَم تُقتحم أَوْ تُنهب ولَم يطلب أنصار الله تغيير قادتها، (سأتحدث في الحلقة القادمة بتوسع عن أكذوبة سيطرة أنصار الله على الجيش واستيلائهم على السلاح)، ويكفي أن أقولَ هنا: إن أنصارَ الله طلبوا عودة انتشار الجيش والأمن في شوارع ومؤسسات العاصمة وأقر في اجتماع اللجنة الأمنية العسكريّة الذي حضره الشهيد الصمّاد إخلاء أنصار الله للعاصمة وعودة الانتشار الأمني والعسكريّ الذي أُخلي بقرار أَوْ أمر رئاسي لتوريط أنصار الله وتحميلهم المسؤولية حتى عن المرور ووضعهم في الواجهة مع خلايا القاعدة المدعومة إقليمياً ودولياً.
وكان قد تحدّد تأريخ عودة الانتشار الأمني والعسكريّ للوحدات الرسمية يوم ٢٥ سبتمبر أي بعد أربعة أيّام من انتصار أنصار الله على اللواء الرابع، إلّا أن السفير السعوديّ طلب من هادي أَوْ أمره بعدم تنفيذ الاتّفاق، وقد سمعت بهذا من السيد القائد عبدالملك في حينه وأعلنته مراراً كثيرةً، ولَم ينفِ ذلك أحد، بل إن الشهيد الصمّاد -كما سمعت من الدكتور ياسين سعيد نعمان- كرّرَ المطالبةَ بعودة السيطرة في العاصمة للوحدات الأمنية والعسكريّة الرسمية ولَم يطلب إلّا الموافقة على تجنيد ألفين من عناصر أنصار الله لحماية الشخصيات القيادية منهم ومقراتهم، وتعذّر هادي وبحاح بأنهم لا يستطيعون إلّا بعد حصول الحكومة على الثقة و…، ولَم يتم ذلك..