رئيس حكومة الإنقاذ “عبد العزيز بن حبتور” الغالبية الشعبية في الجنوب ترفض الاحتلال
مقالات | 13 اكتوبر | مأرب برس :
لا يرى رئيس حكومة الإنقاذ في صنعاء، عبد العزيز بن حبتور، المُتحدّر من محافظة شبوة (جنوب)، في ما تشهده المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن، إلا مظهراً من مظاهر مقاومة الاحتلال الذي باتت الغالبية الشعبية هناك تدرك أهدافه. أهداف يؤكد بن حبتور، في حوار مع «الأخبار»، أن من بينها إفقاد الريال اليمني قيمته واحترامه، وهذا ما بدأ يتحقق فعلاً، متسبّباً بأوضاع اقتصادية كارثية، لا يتردّد محافظ عدن الأسبق في تحميل تحالف العدوان المسؤولية المباشرة وغير المباشرة عنها، باعتباره مسيطراً على معظم موارد البلاد.
نبدأ من الأزمة الاقتصادية العاصفة بمختلف المحافظات، كيف توصّفون التدهور المتسارع في هذا الجانب؟ ومن يتحمّل المسؤولية عنه؟
لنأخذ المعطيات العامة. نحن في العاصمة صنعاء نعتمد على آخر موازنة أُقرَّت في مجلس النواب عام 2014. ولأن المنافذ البرية والجوية جميعها واقعة تحت السيطرة الكلية لدول العدوان، تُضاف إليها الموانئ البحرية التي يسيطرون على 90% منها، لم يعد لدينا في المحصلة النهائية سوى ميناء الحديدة، الذي هو الآخر مُهدَّد بالإعاقات المتكررة، بعدما ضُربَت بنيته التحتية، في وقت أُغلق فيه مطار صنعاء الدولي منذ عامين تقريباً. هذا هو الوضع القائم تماماً، وحينما أعددنا في حكومة الإنقاذ الوطني الموازنة (مطلع 2017)، وعرضناها على مجلس النواب، لم نثبّت فيها سوى ما يشكل 7% من الموازنة المقرّة في عام 2014.
لكن حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، تُحمِّلكم المسؤولية عن التدهور الاقتصادي؟
ليس هروباً أو تهرّباً من المسؤولية الوطنية، لكنه الواقع. قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن شكّل صدمة للمواطنين الذين حُرموا رواتبهم الشهرية. زِد على ذلك أن حكومة العملاء في المنفى عملت على بيع النفط والغاز وتصديرهما من دون أن تُورّد قيمتهما إلى البنك المركزي، لا في عدن ولا في صنعاء، واستحوذت على كل الهبات والقروض والمساعدات لديها في حسابات خاصة بعيدة عن رقابة البنك، وطبعت تريليون و400 مليار ريال يمني دون قرار قانوني من مجلس النواب، ولم تراعِ الضوابط المالية والاقتصادية في عمل كهذا. وبالتالي، نتج من تلك القرارات غير المسؤولة انهيار الريال اليمني، وهذا الوضع الكارثي والمدمّر.
ارتباطاً بموضوع طباعة العملة، هل تواصلتم مع الجانب الروسي في هذا الإطار؟ وهل لمستم لديه استعداداً للتجاوب مع مطالبكم؟
نعم. وجّهنا رسائل مباشرة عبر وزارة الخارجية، وأرسلنا رسائل مباشرة إلى رئيس مجلس الوزراء في الاتحاد الروسي السيد ديمتري ميدفيديف، وأَبْرزنا المخاطر القانونية والاقتصادية لتسليم حكومة العملاء المبالغ المطبوعة. لكن الآن، لم تعد طباعة عملتنا محصورة في المطابع الروسية، بل تعدّتها إلى دول وشركات لا نعرفها. حتى إن قياسات الريال اليمني أصبحت للأسف غير التي كان مُصرَّحاً بها من قِبَل البنك المركزي، وهذا هو جزء من أهداف العدوان، أن يفقد الريال اليمني قيمته واحترامه.
■ طالبتم مراراً بتحييد الاقتصاد اليمني من الصراع، واقترحتم تسليم الإيرادات جميعها لجهة محايدة، أين أصبحت هذه المبادرة؟ ولماذا لم يتمكن المبعوث الأممي إلى الآن من تحقيق تقدم في هذا الجانب؟
السيد مارتن غريفيث، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، يحاول أن يقوم بهذه المهمة، مع أن دوره سياسي بحت وليس إنسانياً. والجانب الاقتصادي، كما يقول هو في لقاءاته بنا، يقع في الشق الإنساني من معضلة اليمن. لكنه، والحق يقال، يجتهد كثيراً في التوفيق بيننا وبين دول العدوان ومُمثِّليهم في حكومة العملاء، ولا يزال في مهمّته الدؤوبة. نحن أكدنا له مجدداً ضرورة تحييد الجانب الاقتصادي من خلافنا باعتباره يتصل بحياة المدنيين، ونبقى وإياهم في صراعنا السياسي والعسكري.
حدّدنا حزمة من الضمانات للمشاركة في أي مشاورات مقبلة
أنتم كحكومة إنقاذ، هل وضعتم خطة لمواجهة تصاعد «الحرب الاقتصادية»؟ وما الذي يمكنكم أن تَعِدوا به في ملف الرواتب؟
اتخذت حكومتنا العديد من السياسات والقرارات في هذا الشأن، ونسعى لتأمين جزء من الراتب، والجزء الآخر يذهب للجبهات لمواجهة العدوان. وللتذكير، لدينا الآن أزيد من 45 جبهة عسكرية مفتوحة على طول الجغرافيا وعرضها اليمنية وجبهات ما وراء الحدود، كلها تحتاج إلى الدعم والإسناد اللوجستي.
تحاول وسائل الإعلام الموالية لـ«التحالف» تحريض اليمنيين على «أنصار الله» بوصف الأخيرة مسؤولة عن الانهيار الاقتصادي، وهذا ما حذر السيد عبد الملك الحوثي من التجاوب معه. هل تخشون حدوث اضطرابات في المناطق الخاضعة لسيطرتكم؟
ندرك أن دول العدوان ستوظّف كل ما لديها من إمكانات ضدنا، لأن الحرب بيننا وبينها مفتوحة. لكننا، بعد انقضاء ما يقارب أربعة أعوام من العدوان، لم يَعُد لدينا ما نخشاه، والمواطن اليمني أصبح محصَّناً من كل الأكاذيب. لكن، ربما هناك عدد من المندسّين يعملون لمصلحة دول العدوان، ويغرّرون بالبسطاء، فهؤلاء عليهم أن يفيقوا ويستوعبوا أن المعاناة هي من صُنع دول العدوان. عليهم أن يراجعوا أنفسهم قبل أن يعرّضوها لطائل القانون اليمني، الذي بطبيعة الحال لن يتساهل مع مَن يتماهى مع تحريض دول العدوان.
يعتزم المبعوث الأممي استئناف مشاورات السلام الشهر المقبل، هل سيجري هذه المرة توفير الضمانات التي طالبتم بها؟ وما الذي يمكن أن تسفر عنه جولة تفاوضية جديدة في ظل استمرار التصعيد العسكري؟
نحن حدّدنا حزمة من الضمانات بهدف إنجاح أي حوار، والسيد غريفيث وافق عليها ونقلها إلى الطرف المعتدي. نتمنى أن يَصدُقوا هذه المرة، ويعملوا على تهيئة أنفسهم لحوار جاد يفضي إلى حل المعضلة السياسية في اليمن. أما التصعيد من قِبَل دولتي العدوان ومرتزقتهما المستأجرين، فنحن على جاهزية عالية لصدّه وهزيمته.
في ظلّ عودة التوتر بين حلفاء الإمارات في الجنوب وحكومة هادي، كيف ترون مستقبل الصراع في المحافظات الجنوبية؟ وهل تعتقدون أن ثمة تبدّلاً حقيقياً في مزاج الشارع الجنوبي يمكن أن يقلب الطاولة على «التحالف»؟
حذرنا كل الأطراف اليمنية المتحالفة مع دولتَي العدوان من أن هدف العدوان هو احتلال جنوب اليمن، لكن العديد منهم لم يصدّق. أما الآن، فالغالبية من مواطنينا في المحافظات الجنوبية والشرقية أدركت وتَبَيّن لها الهدف الاستراتيجي للعدوان، وهي تعمل بكل ما أوتيت من طاقة لمقاومة هذا المعتدي المتوحّش. لكن النخب السياسية والحزبية والعسكرية التي باعت نفسها رخيصة لمغريات دولتَي العدوان ما زالت تزيّن أفعال المحتل، لأنها هي المستفيدة الوحيدة مادياً ومعنوياً من استمرار هذا الوضع.
في ما يتصل بمحافظة المهرة تحديداً، ما موقفكم من الاحتجاجات المتواصلة هناك ضد الوجود السعودي، ومحاولة الرياض تنفيذ مشروع الأنبوب النفطي إلى بحر العرب؟
أبناء محافظة المهرة الأحرار رفضوا رفضاً كلياً الاحتلال السعودي لمحافظتهم، وعبّروا بكل السبل ضد السلطات السعودية، حينما قرّرت بناء معسكرات بهدف تنفيذ مخططها القديم الجديد في مدّ أنبوب نفطي من صحراء الربع الخالي إلى البحر العربي. وهنا، نجدّد التأكيد أن أي استحداثات على الأرض اليمنية تُنفَّذ في زمن الحرب العدوانية هي استحداثات باطلة وغير شرعية ولا قانونية، وهي مرفوضة شعبياً ووطنياً.