اقتصادي في جامعة ستانفورد: أمريكا تعاني من ركود اقتصادي بسبب الحرب التجارية مع العالم
متابعات | 11 اكتوبر | مأرب برس :
قال روس روبرتس الباحث في مؤسسة هوفر في جامعة ستانفورد إنه “إذا اشتدت الحرب التجارية الأمريكية مع الصين وأوروبا فإن ذلك سيؤدي إلى ركود وكساد اقتصادي”، ففي كانون الثاني / يناير 2018، فرضت أمريكا رسوماً جمركية على سلع مثل الخلايا الشمسية وملحقاتها، ثم في يونيو 2018، تم فرض رسوم بنسبة 25 ٪ على واردات الصلب و 10 ٪ على واردات الألمنيوم من عدة دول، وفي المقابل فقد قامت تلك الدول بفرض رسوم جمركية كخطوة مماثلة.
وتطرق روبرتس مؤخراً إلى مراجعة زوايا مختلفة عن هذا الموضوع، وهو الذي فاز بجائزة في عام 2006 بعد إطلاقه برنامج بودكاست أسبوعي (برنامج على الإنترنت) باسم (EconTalk)، إضافة إلى أنه مؤلف كتاب “التجارة الحرة ونظام حماية المنتجات الداخلية”.
ما هو الهدف وراء فرض الرسوم التعريفية؟
يعتقد الرئيس الأمريكي ترامب، أن الصين والدول الأخرى تستغل أمريكا، وقد أعلن أن أمريكا بحاجة إلى فرض رسوم لمعاقبتهم وأيضاً لإجبار هذه الدول على التفاوض على عقد اتفاقيات تجارية أفضل بكثير من الاتفاقيات التجارية السابقة.
كما يعتقد ترامب أن العجز التجاري الأمريكي مع الصين يعكس التجارة غير العادلة للصين مع أمريكا، وعلى كل حال فإن قيمة الدولار من واردات أمريكا من الصين أعلى بكثير من قيمة الدولار من السلع المستوردة الصينية من أمريكا، وبالتالي فإن أمريكا بحاجة إلى صفقة أفضل وإن فرض رسوم على الصين ستجبرهم على التفاوض.
ما هو منطق معارضي فرض الرسوم؟
هناك الكثير من الضعف في منطق ترامب، أوله أن العجز التجاري لا يعني وجود تجارة غير عادلة بين البلدين، كما أن عجز أمريكا التجاري مع العالم مرتفع فإن فائض رأس المال مرتفع أيضاً، وهذا يعني أن أمريكا تعتبر جاذبة للاستثمار لبعض البلدان. كما يعتبر الصينيون على وجه الخصوص أهم مشترٍ للسندات الأمريكية.
ويؤدي شراء الصين إلى انخفاض معدل الربح في أمريكا ويسمح للأمريكيين بشراء الكثير من السلع الصينية، وربما قد يشير التركيز على استيراد السلع والخدمات إلى حدوث أمور غير سارّة، ولكن عدم التوازن في التجارة أمر طبيعي، على سبيل المثال، فإن القيمة الدولارية لواردات السلع بين نيفادا وكاليفورنيا ليست متساوية، لكن عدم المساواة لا يمثل ظلماً تجارياً بين الولايتين.
ويصحّ قول ترامب أن الصين تتبع قوانين غير قوانين أمريكا في المجال التجاري، وتعتبر الملكية الفكرية “WIPO” للصين واحدة من أهم الأمور في هذا المجال، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت التعريفات الجمركية على السلع الصينية ستغير سياسات الصين. التأثير الوحيد الذي حدث حتى الآن هو أن الصين قد فرضت الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية أيضاً.
ماذا ستكون نتيجة الحرب التجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي والدول الأخرى؟
إذا اشتدت الحرب التجارية بين أمريكا والصين وبين أوروبا وأمريكا، فمن المحتمل أن تؤدي إلى حالة من الركود الاقتصادي. وهذه الحرب سوف تبطئ شراء البضائع المحلية باهظة الثمن من قبل الشعب الأمريكي، وسيعمل منتجو هذه السلع في أمريكا على زيادة القوى العاملة وشراء المواد الخام، ولكن الشركات المصنعة الأخرى ستواجه انخفاضاً في الطلب على المشتريات من قبل المشترين الأجانب والمستهلكين المحليين، ونتيجة لذلك سيخفّض هؤلاء المصنّعون مشترياتهم من المواد الخام والقوى العاملة لديهم. إن الامتثال لنموذج الطلب هذا لن يتحقق بسرعة، وسيكون مؤلماً ومكلفاً للعمال الذين تم إقالتهم.
ما فائدة السوق التجارية الحرة للمستهلكين والعمال والشركات؟
التجارة الحرة لم يتم تعريفها بشكل صحيح على الرغم من أن تكاليفها واضحة، إلا أن منافعها غير متضحة ولا يمكن فهمها بسهولة، فمنذ عام 2000، زادت أمريكا بشكل كبير تجارتها مع الصين، ما أدّى إلى فقدان الملايين من الوظائف الإنتاجية والتصنيعية.
كما أدى تطوّر التكنولوجيا إلى انخفاض في وظائف التصنيع والإنتاج، بحيث أتاحت التقنيات المثلى للمصانع، إمكانية إنتاج المزيد من السلع بأقل القوى العاملة، كلُّ من هذه التطورات كانت ضارة لعمال قسم التصنيع في أمريكا، لكنها كانت مفيدة للمستهلكين، وحالياً انخفضت وظائف الإنتاج والتصنيع 5 ملايين وظيفة مقارنة مع 2000.
ومع ذلك، فقد ارتفع العدد الإجمالي للوظائف بمقدار 14 مليون. كيف يمكن ذلك؟ مع استيراد البضائع من الصين، ينخفض سعر تلك السلع أيضاً، وهذا سيزيد من شراء السلع الأخرى من قبل العمال ويؤدي إلى زيادة العمل في هذه الصناعات.
عملية التخريب هذه، تحصل من خلال تحسين الإنتاج عن طريق التكنولوجيا أيضاً، وذلك من خلال اكتشاف المزيد من الطرق الإنتاجية بأقل عدد ممكن من اليد العاملة، الذي يؤدي إلى تخفيض الأسعار ويسمح للمستهلكين بشراء سلع أخرى أيضاً، كما يخلق الابتكار والتجارة تحولات اقتصادية أدت إلى تحسين مستوى المعيشة للعديد من الأمريكيين من خلال خفض الأسعار وخلق فرص لسلع وخدمات جديدة.
إن طرد أي عامل ليس جيداً، ولن يتمكن جميع العمال من العثور على عمل في مكان آخر، ولكن السعر المنخفض مفيد للكثير من الأمريكيين، وسيتم نقل هذه المنفعة إلى الجيل التالي حيث إنهم سيثرون ثراء كبيراً.
ففي عام 1900، كان 40٪ من السكان الأمريكيين يعملون في الزراعة، وخلال القرن الماضي، وجدت أمريكا طرقاً لإنتاج كميات هائلة من الطعام بأقل عدد من القوى العاملة، وكانت هذه الفترة الانتقالية صعبة بالنسبة للمزارعين وعائلات النصف الأول من القرن العشرين، ولكن أطفال وأحفاد المزارعين، ورثوا مقداراً كبيراً أتاح لهم فرصة أكبر للعمل خارج المزرعة، لأن حاجة البلاد من الطعام تحتاج إلى أيدي عاملة قليلة، هذه العملية نفسها تُطبّق حالياً في التجارة على سبيل المثال، إذا تم صنع الملابس والألعاب في الصين بسعر أرخص من أمريكا، فبدلاً من القضاء على الصين كمنافسة عن طريق فرض الرسوم، تستطيع أمريكا إنتاج خدمات وسلع الأخرى، ويمكن لهذه السلع والخدمات الأخرى أن تخلق وظائف لملايين الأمريكيين، أمريكا لا تدرك أن شراء السلع والخدمات الرخيصة من الصين قد خلق فرص عمل في أجزاء أخرى من أمريكا.