ثورة جياع البطون أم جياع العقول ؟!

مقالات | 11 اكتوبر | مأرب برس :

بقلم / عبد العزيز البغدادي :

من السهل على أي إنسان بل وأي حيوان أن يحس بالجوع والخوف فهذه غريزة، ولكن لا يدرك من السبب في تجويعه وتخويفه سوى الإنسان الذي يمتلك قدر من الوعي وهذا هو الفرق بين الوعي وبين الغريزة فالأولى صفة متصلة بالإنسان فقط أما الثانية فهي صفة حيوانية متصلة بهما أي بالإنسان والحيوان!

 

ويترتب على هذه التفرقة بين صفة الإنسان والحيوان التفرقة بين ردود الفعل فرد فعل الحيوان على إحساسه بالجوع أو الخوف هو البحث عن كيفية إشباع حاجته للطعام بحسب غريزته (النباتي بالبحث عن النبات والحيواني بالبحث عن فريسة) ويتميز الحيوان عن الإنسان بأنه يكتفي بحاجته في إشباع غريزته أما الإنسان فان غرائزه وشهواته إذا وجد لديه عقل مضلل، لا حدود لها ويكفي أن نعرف بأن نسبة ضئيلة من سكان كوكب الأرض تتحكم وتستغل بقية العالم بكل صور التحكم وبلا أي قدر من الرحمة بل وصارت الحروب في ظل الرأسمالية المتوحشة ضمن المشاريع الاستثمارية تحرك ضمن أجندة من يديرها من شركات متعددة الجنسيات وغيرها تسير بعضها أيديولوجيات متعددة أي أن السباق ليس على تجويع الإنسان فقط بل وعلى قتله وتدميره بكل وسائل القتل والتدمير ، ومن العجيب أن لا يدرك البعض هذه الحقيقة بل وربما لا يدركون أحياناً أنهم يسيرون ضمن أجندة لا يفهمونها رغم قدرتهم على رص الحروف والكلمات!

 

هل يعقل أن يوجد مثقف أو حامل شهادة عليا لا يدرك هذا الفرق بين الحيوان والإنسان في التعامل مع غريزة الجوع ويعجز عن إدراك أن ما يعيشه اليمن لا يهدد فقط اليمنيين بالمجاعة التي بدأت بعض المنظمات بعد أربع سنوات من التدمير والقتل ترفع أصواتها للإعلان أن اليمن مهدده بالجوع، دون أن تقول لنا ماذا بعد الإعلان!

 

ألا تدرك تلك الكائنات المحسوبة على أصحاب الوعي أن ما تتعرض له اليمن منذ 26/3/2015 من تدمير ممنهج لا يهدد اليمنيين بالمجاعة فحسب بل ويهدد وجودهم ذاته.

 

ألا يدرك أصحاب الغرائز المسيرة هؤلاء من هو السبب وهل يعقل هذا؟!

 

أصحاب الغرائز المسيرة هنا هم الذين يتحدثون عن الخوف من الجوع ويعلنون خروجهم ضمن ثورة الجياع ولا يدركون أن الشعب يتعرض لما هو أكبر من الجوع إنه يتعرض لحرب إبادة تقودها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وتمولها السعودية والإمارات ويسير في ركابها بقية المرتزقة الذين يرفعون شعارات العروبة للعمل على حرف بوصلة مقاومة كل هذه الجرائم باتجاه إيران بدلاً من الكيان الصهيوني وأمريكا وهذا ما عبر عنه بعض قادة ما أُسمي ثورة الجياع في فيديوهات متداولة!

 

أي أنهم يعملون ليل نهار على خلق عدو وهمي للدفاع عن العدو الحقيقي!

 

ويحاولون بكل جد تحويل شعبهم إلى حيوان لا يعرف صديقه من عدوه مع الاعتذار للحيوان الذي نلاحظ أن كثيرا من التجارب أثبتت إمكانية تهذيب غرائزه!

 

إن ثورة جياع البطون من بني الإنسان لابد أن تكون قادرة على الاستيعاب أن مثل هذا العدوان القائم على اليمن لا يهدد أبنائه بالجوع بل يهدد كيانه بالفناء ومن يحمل قدر يسير من العقل والإحساس بالمسؤولية لابد أن يعي أن ثورة الجياع إنما تأتي عبر مقاومة العدوان واحترام دماء الشهداء أولاً وأي خلافات سياسية بين أبناء الشعب لابد من حلها داخلياً كما تفعل شعوب الأرض !

 

وأي نقد أو تحرك لإصلاح الأخطاء مهم ولكن ليس بتفكيك الجبهة باختلاق هذه المشاريع الوهمية كثورة الجياع وانتفاضة أعادة الشرعية ( أنتفضوا ) ورياح السلام وسلام الريح.

 

الأخطاء بل والجرائم موجودة ويجب رفضها ومقاومتها بما لا يضعف من مقاومة العدوان بل وأن يتجه الجميع نحو مقاومة العدوان أولاً وبعد دحره لكل حادث حديث!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى